الثلاثاء، 13 يونيو 2017

العودة إلى المجهول ... قصة قصيرة بقلم / محمود عبدالمتجلي


قصة قصيرة
العوده الى المجهول 
________________
كان عطائها دائم لا ينتهى لزوجها واولادها الكبير والصغير عطاء متدفق وبدون مقابل اعطت كل حياتها وصحتها ووقتها لأولادها لم تبخل عليهم بشئ حتى أصبحوا رجال كل فى موقعه وكان حسن اصغرهم سنا يرى من امه العطاء ويشعر فى حضنها بالدفئ والحنان زوجت ولدها الاكبر وهى ترقص وسط النساء من شده الفرحه بزواجه زغردت بأعلى صوتها ابتهاجا بعرسه ولكن لم تهنى بسعادتها طويلا فقد اخذ ولدها زوجته وترك منزل الاسره بعد عده اشهر حزنت على فراقه وكانت تريد ان تحمل اولاده فى حضنها كما حملته هو من قبل وتألمت لفراقه ولكنها لم تفقد الامل فى ان تجنى ثمار تعبها فزوجت الابن الثانى من فتاه تربطها بوالدتها صداقه قديمه وعشره لعل ابنها يستقر معها فى بيت الاسره وتحمل معها بعض مشاغل البيت وان تفرح بأولاد ولدها ولكن للاسف فقد حدث من الثانى كما حدث من الاول فترك منزل الاسره واخذ زوجته وترك والده ووالدته وأخوته تلبيه لطلب زوجته التى كثيرا ما كانت تشكو لزوجها من خدمه البيت وسوء تعامل والدته لها فصدقها وسكن بعيدا عنهم ومازال حسن الصغير ينظر الى كل ذلك وهو يرى والدته تبكى على فراق اولادها واحد تلو الاخر وكان يعلم ان امه لم تعامل زوجات اخوته الا احسن المعامله كابنه لها ولكن الام لم تتوقف على العطاء لاولادها حتى بعد هجرهم لها فكانت توفر من نفقات البيت لتعطى لولدها عندما تذهب لزيارته وكان ذلك من وراء زوجها وحسن يرى كل ذلك ويتعجب من هذا العطاء حتى بعد هجرتهم لها وكان حسن يشفق عليها من الحزن الذى يصيبها عند فراق اخوته وتركهم منزل الاسره فكان يمسح دموعها ويريد ان يصبرها ويقول لها سوف اعوضك انا عن كل ما رايته من شقاء وحزن من اخوتى ولكن كان لا يعرف التعبير عن ذلك فأصر فى نفسه ذلك وبقى حسن فى خدمه امه ومحاوله برها بشتى الطرق حتى يدخل عليها السعاده والسرور وكان يرى فيها دفى الشتاء وسعادة الحياة وحب لا ينتهى فكانت هى محبوبته الاولى التى لم يعرف العطف والحب الا منها حتى كبر وانهى دراسته وبدء العمل ولم يلبث فى عطاءه لوالديه كثيرا حتى اتهم فى حادثه ظلم فيها ودخل بسببها السجن وحاولت امه انقاذه فباعت كل ما لديها من حلى لرفع اكبر المحامين للدفاع عنه وخرج بعد اعوام ثلاثه فكانت اول من استقبله بحضنها الدافى وكانت قد اعدت له هديه بعد خروجه لم يتوقعها زوجه حسناء طيبه لتعوضه عن الحرمان الذى عاناه فتره سجنه فكانت فرصته التى ينتظرها طوال عمره ليعمل بما اصره فى نفسه منذ الصغر فاتفق مع زوجته انه يريد ان يحصل رضاء والديه عن طريقها هى لأنه لا يستطيع بمفرده الحصول على ذلك وكانت زوجته تحبه وتطيعه فبذلت كل ما فى وسعها لاسعادهم ما بقى لهم من عمر فكانت لهم كالخادمه والابنه الباره بهم وكان حسن بعد وفاه والده يقدم أمه عن كل شى فاذا احضر فاكهه فيضعها فى حجرها ويصر ان تاخذ ما يكفيها ثم ياكل هو وزوجته واولاده بعدها فكانت تحبه وتحب زوجته واولاده اكثر من اخوته وزوجاتهم واولادهم ثم ضاقت عليه المعيشه فى بلده فسافر إلى بلد أخر بعيدا وترك زوجته واولاده وهى تلاعبهم وتقول ما اغلى من الولد إلا ولد الولد وكان اخوته يحاولون ارضاء والدتهم بعد ان راو رضائهم عن اخوهم الاصغر حسن فكانوا يتقربون اليها ويدعونها الى الطعام والى المبيت عندهم ولكنها كانت تجيب دعوتهم فى الطعام والزيارات فقط ولا تستطيع ان تبيت عندهم بعيدا عن زوجه حسن واولاده الذين ملوا شغاف قلبها وحينما طال سفر حسن فى بلاد الغربه اراد ان يحصن نفسه من الوقوع فى الذلل فارسل لاحضار زوجته واولاده ولم يرسل لامه لانها لا تستطيع تحمل مشاق السفر الى بلد بعيد لمرضها وكبر سنها وقد ذهبت الام الى بيت احد ابنائها الذين تسابقوا فى استضافتها واقامتها معهم وسافرت الزوجه والاولاد الى حسن واقاموا قرابه العام وقد زاد مرض الام بعد رحيل ولدها وذاد اكثر بعد رحيل اولاده وزوجته الذين كانوا يصبرونها على فراقه وقررا حسن ان يعود بعد ان اتصل باخوته وعرف منهم ان والدته فى مرضها الاخير وهى تردد اسمه ليلا ونهارا وتريد رؤيته وتسأل عنه كلما افاقت من غفوتها واغمائها فرجع بزوجته واولاده بعد ان لم شمله خلال عده ايام من الاتصال وكان اثناء عودته يتذكر امه هو واولاده ويضحكون ويريدون ان تطير بهم السياره حتى يروها فى اسرع وقت ولم يرجع حسن الى داره حتى يستريح بل عاد الى بيت اخيه حتى يطمئن على والدته أولا ونزلا أولاد أخيه لملاقاته ولكنه لم يسلم على احد منهم وتركهم جميعا وصعد الى شقه اخيه وهو يهرول حتى وصل إلى مكان رقاد والدته فلم يجدها على سريرها فظن انها فى الحمام فوجده مفتوح وليس فيه احد فرجع الى مكان والدته فسمع كلمات زوجه اخيه لم يلق لها بالاً ولم يعرف معناها الا بعد ان سمعها وكررتها مره اخرى وهى تقول لقد تاخرت ياحسن لقد انتظرتك كثيرا ولكنك تاخرت فوقف مكانه وهو مزهولا لم يصدق ما سمعه وكذب اذنه ولكنه تاكد من ما سمعه فارتمى على سريرها وهو يبكى ولم يشعر بنفسه الا بعد عده ساعات وهو يجهش بالبكاء وقد ضاع امله وعاد الى لا شى وهو لم يصدق انها ماتت .
_______________________________________
من مجموعة القصص القصيرة(الوهم والحقيقة)
بقلم/محمود عبدالمتجلى عبد الله
الاستقبال 1994م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون