الجمعة، 13 أكتوبر 2017

اعتزالٌ شعر : عبدالناصر الجوهري

سأعتزلُ الوفودَ إذا دعتْني
لقرع طبولها كيما تحاربْ
سأفلتُ من معارك دبَّرتها؛
لتجعلني أُعسْكرُ للمصائبْ
فمثْلي لا يُساسُ إلي هلاكٍ،
وليستْ رايتي تُغْري الكتائبْ
فلا تُبْقي الحروبُ علي شراعٍ،
ولا يُبْقي الصِّدامُ علي القواربْ
فكم تَشْقى ديارٌ من ذويها
وكم يحتالُ شيطانُ الخرائبْ
سأعتزلُ الوفودَ إذا دعتْني؛
لأنَّ الحربَ مغْلوبٌ وغالبْ
فبالأمس القريبِ ينامُ جُرْحي
وما كان استرح مِنَ النوائبْ
فقرَّرتُ اعتزالَ السَّاحِ عُذْرًا؛
تسودُ بطائفيتها المخالبْ 
ولكنِّي ارتضيتُ قُبيل لحْني،
أعيشُ وما تقدَّمتُ المواكبْ
فميْمنتي وميْسرتي قصيدٌ
ومُتَّخذًا من الشِّعْرِ الركائبْ
أنا آنستُ أغوارَ المعاني
فليس الشِّعْرُ يشْغلهُ المناصبْ
لِيَ النَّجماتُ تسهرُ والقوافي
وضوءُ الحرفِ دار مَعَ الكواكبْ
كأنَّ الشَّمسَ تشربُ من حُدائي
كأن النَّخلَ قد ملَّ المذاهبْ
فشبَّتْ للبداوةِ سوسناتٌ
وعاود للحِمَي زمنٌ تثاءبْ
عيونُ الشِّعْر في البلْوى رفاقي
وللجفْناتِ شفَّرتُ الحواسبْ
وألْهمني الإلهُ بيانَ إرثٍ
وصار الحلمُ عرَّابَ الترائبْ
متي ضمَّ البريدُ مُعلَّقاتي؟
فقد ملَّ التشبُّبَ بالكواعبْ
أَبَى الحرفُ المُعنَّي في نزاعي
فلا عيشٌ وطيرُ الوصل غائبْ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون