الجمعة، 27 فبراير 2015

شاعرمصري كبيرهو ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ منقول للشاعر هلال معصار

بسم الله الرحمن الرحيم
اعزائي اعضاء ومتابعين جريدة الابداع الالكترونيه
معنااليوم في سلسلة دروس لكي لاننسى

شاعرمصري كبيرهو
ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ
ﺍﺳﻤﻪ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﺃﻣﻞ ﻓﻬﻴﻢ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻘﺴﺎﻡ ﻣﺤﺎﺭﺏ ﺩﻧﻘﻞ ﻭﻟﺪ
ﻋﺎﻡ 1941 ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ " ﺍﻟﻘﻠﻌﺔ" ﻣﺮﻛﺰ " ﻗﻔﻂ" ﺑﻤﺤﺎﻓﻈﺔ
" ﻗﻨﺎ" ﻓﻰ ﺻﻌﻴﺪ ﻣﺼﺮ، ﻭﺍﻟﺪﻩ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻓﻬﻴﻢ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻤﻞ
ﻣﺪﺭﺳًﺎ ﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﻌﻬﺪ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻓﻲ "ﻗﻔﻂ" ﺗﻮﻓﻲ ﻓﻲ
21 ﻣﺎﻳﻮ ﻋﺎﻡ 1983ﻡ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ 43 ﺳﻨﺔ

ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺧﺮﻳﺠﻲ ﺍﻷﺯﻫﺮ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺼﻞ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ
ﺷﻬﺎﺩﺓ ( ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ) ﻋﺎﻡ 1940 ، ﻭﺍﻟﺪﺗﻪ ﺳﻴﺪﻩ ﺭﻳﻔﻴﺔ
ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻟﻢ ﺗﻨﻞ ﺣﻈﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﻛﺎﻥ "ﺃﻣﻞ" ﺃﻛﺒﺮ
ﺃﺧﻮﺗﻪ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﻠﺘﻪ ﺃﺧﺘﻪ " ﺃﻣﻴﻨﻪ" ﺛﻢ ﺃﺧﻴﻬﻤﺎ
ﺍﻷﺻﻐﺮ " ﺃﻧﺲ."
ﻛﺎﻥ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﺑﺤﻜﻢ ﻋﻤﻠﻪ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﻪ ﺗﻨﻘﻞ ﻣﺎ
ﺑﻴﻦ ﻗﺮﻳﺔ " ﺍﻟﻘﻠﻌﺔ" ﻭﻋﻤﻠﻪ ﺑﻤﺪﻳﻨﻪ "ﻗﻔﻂ" ﻓﻬﻮ ﻓﻲ
ﻓﺘﺮﺓ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻳﻘﻴﻢ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻟﻴﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺘﺪﺭﻳﺲ
ﻭﺣﻴﻦ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻳﻌﻮﺩ ﻟﻘﺮﻳﺘﻪ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻨﻘﻞ ﻗﺪ
ﺃﺛّﺮ ﻓﻲ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺃﻣﻞ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ، ﻧﺸﺄ " ﺃﻣﻞ" ﻓﻲ
ﺑﻴﺖ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﺼﺎﻟﻮﻧﺎﺕ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ، ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻭﺍﻟﺪ ﺃﻣﻞ
ﻣﺪﺭﺳﺎً ﻟﻠﻐﺔ ﻟﻠﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﺃﺩﻳﺒﺎً
ﺷﺎﻋﺮﺍً ﻓﻘﻴﻬﺎً ﻭﻣﺜﻘﻔﺎً ﺟﻤﻊ ﻣﻦ ﺻﻨﻮﻑ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ
ﻓﻲ ﺳﺎﺋﺮ ﻣﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻟﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﺗﻔﺘﺤﺖ ﻋﻴﻨﺎ
ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﻓﻒ ﺍﻟﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻤﺰﺩﺣﻤﺔ ﺑﺄﻟﻮﺍﻥ
ﺍﻟﻜﺘﺐ، ﻭﺗﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺃﺑﺎﻩ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﺮﺃ ﺣﻴﻨﺎً
ﻭﻳﻜﺘﺐ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺣﻴﻨﺎً . ﻟﻢ ﻳﻜﺪ ﺃﻣﻞ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ ﻣﻦ
ﻋﻤﺮﻩ ﺣﺘﻰ ﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﺪﻩ، ﻭﺣﺮﺻﺖ ﺃﻣﻪ ﺍﻟﺸﺎﺑﺔ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ
ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻗﺪ ﺟﺎﻭﺯﺕ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻋﻘﺪﻫﺎ
ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻈﻞ ﺷﻤﻞ ﺃﺳﺮﺗﻬﺎ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻣﻠﺘﺌﻤﺎً،
ﻣﻊ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻮﻟﻴﻬﺎ ﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻷﻭﻻﺩ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﻦ
ﺣﻴﺚ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻤﻈﻬﺮ ﻭﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﻋﻼﻗﺎﺗﻬﻢ ﺑﺄﺻﺪﻗﺎﺋﻬﻢ.
ﺇﻟﺘﺤﻖ ﺃﻣﻞ ﺑﻤﺪﺭﺳﺔ "ﻗﻔﻂ" ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﻬﻰ ﺑﻬﺎ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ ﺳﻨﺔ 1952 ﺛﻢ ﺍﻟﺘﺤﻖ ﺑﻤﺪﺭﺳﺔ
"ﻗﻨﺎ" ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﺯﺍﻣﻞ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻓﺎﻕ
ﺻﺎﺭ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭﺍﻟﻤﺜﻘﻒ ﻭﺍﻟﺼﺤﻔﻲ
ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ .. ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻗﺮﺏ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺴﻪ
" ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻷﺑﻨﻮﺩﻱ" ﺷﺎﻋﺮ ﺍﻟﻌﺎﻣﻴﺔ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮ
ﻭ" ﺳﻼﻣﺔ ﺁﺩﻡ" ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ ﺍﻟﺒﺎﺭﺯﻳﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻭ
ﻛﺎﻥ ﻟﻬﻢ ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻣﺠﺮﻯ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ
ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻟﻠﻘﺴﻢ ﺍﻷﺩﺑﻲ.
ﻟﻬﺬﺍ ﻛﻠﻪ ﻭﻟﻤﻮﻫﺒﺘﻪ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﻟﺒﺎﺳﻘﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﺪ ﺃﻣﻞ
ﻳﻨﻬﻲ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﺇﻻ ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻨﻈﻢ
ﺍﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﺍﻟﻄﻮﺍﻝ ﻳﻠﻘﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﺣﺘﻔﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ
ﺑﺎﻷﻋﻴﺎﺩ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، ﻭﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻤﻄﻮﻻﺕ ﺃﺛﺎﺭﺕ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺯﻣﻼﺋﻪ ﻭﻣﻨﺎﻭﺷﺎﺗﻬﻢ ﺑﻞ
ﻭﺃﺣﻘﺎﺩﻫﻢ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ، ﻓﺒﻴﻦ ﻗﺎﺋﻞ ﺑﺄﻥ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ
"ﺃﻣﻞ" ﻣﻦ ﺷﻌﺮ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻛﺒﺎﺭ ﻣﺸﻬﻮﺭﻳﻦ
ﺍﺳﺘﻮﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺃﺑﻴﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﺘﺢ
ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻟﻬﻢ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻮﻥ ﺑـ"ﺃﻣﻞ" ﻭﺍﻟﻘﺮﻳﺒﻮﻥ ﻣﻨﻪ
ﻓﻴﺄﻣﻠﻮﻥ - ﻣﻦ ﻓﺮﻁ ﺣﺒﻬﻢ ﻷﻣﻞ - ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻟﻮﺍﻟﺪ
ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ، ﻋﺜﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺃﺑﻴﻪ ﻭﻧﺤﻠﻪ ﻟﻨﻔﺴﻪ
ﺷﻔﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻞ ﺍﻟﻴﺘﻴﻢ ﺍﻟﻤﺪﻟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻓﺴﺪﺗﻪ ﺃﻣﻪ
ﺑﻤﺎ ﺯﺭﻋﺘﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﺟﺮﺃﺗﻪ -ﻓﻲ
ﻧﻈﺮﻫﻢ - ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺮﻗﺔ ﻣﻦ ﺃﺑﻴﻪ.
ﻭﻟﻤﺎ ﺃﺣﺲّ ﺃﻣﻞ ﻣﻦ ﺯﻣﻼﺋﻪ ﺑﺎﻟﺸﻚ؛ ﺗﻔﺘﻖ ﺫﻫﻨﻪ ﻋﻦ
ﻓﻜﺮﺓ ﻣﺮﺍﻫﻘﺔ ﺟﺮﻳﺌﺔ ﻭﻫﻲ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻻ ﺗﺘﺴﻖ ﻣﻊ
ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ ﺍﻟﺮﻗﻴﻘﺔ ﺇﻻ ﺃﻧﻬﺎ ﻓﺎﺻﻠﺔ .. ﺃﻃﻠﻖ ﻣﻮﻫﺒﺘﻪ
ﺑﻬﺠﺎﺀ ﻣﻘﺬﻉ ﻟﻤﻦ ﺗﺴﻮﻝ ﻟﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻥ ﻳﺸﻜﻚ ﻓﻲ ﺃﻣﻞ
ﺃﻭ ﻳﺘﻬﻤﻪ، ﻭﻟﻢ ﻳﻤﺾ ﻛﺜﻴﺮ ﺣﺘﻰ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ
ﺑﻤﻮﻫﺒﺘﻪ ﺃﻥ ﻳﺪﻓﻊ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻇﻨﻮﻥ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ، ﻭﻟﻤﺎ
ﺗﻔﺮﻍ ﺃﻣﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﺗﺎﻗﺖ
ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻨﻪ ﺷﻌﺮﺍ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻓﻈﺘﻪ،
ﻓﻠﻢ ﻳﺴﻤﻊ ﺑﺄﺣﺪ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ ﻗﻨﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﺇﻻ
ﺍﺭﺗﺤﻞ ﻟﻪ ﻭﺃﻟﻘﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺷﻌﺮﻩ ﻣﺎ ﻳﺜﺒﺖ ﺗﻔﻮﻗﻪ
ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻳﻨﺘﺰﻉ ﺇﻋﺠﺎﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ.
ﻃﻤﻮﺣﺎﺕ ﺷﺎﻋﺮ :
ﻭﻟﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﺠﺪﻩ ﺃﻣﻞ ﻣﻜﺎﻓﺌﺎ ﺗﺎﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ
ﺃﻥ ﻳﻠﺘﻘﻲ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻯ ﺃﺳﻤﺎﺀﻫﻢ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺪﻭﺍﻭﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺳﺨﺔ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﺘﻪ، ﻭﺍﻧﺼﺮﻑ ﺃﻣﻞ ﻋﻦ
ﺃﺣﻼﻣﻪ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻴﺔ ﻭﻃﻤﻮﺣﺎﺗﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ ﻫﻮ
ﺍﻟﺸﻌﺮ، ﻭﻣﻤﺎ ﻧُﺸﺮ ﻷﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ ﻭﻫﻮ ﻃﺎﻟﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ
ﺃﺑﻴﺎﺕ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻧﺸﺮﺗﻬﺎ ﻣﺠﻠﺔ ﻣﺪﺭﺳﺔ ﻗﻨﺎ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﺳﻨﺔ
1956 ، ﻭﻛﺘﺐ ﺗﺤﺘﻬﺎ : ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ:
ﻳﺎ ﻣﻌﻘـﻼ ﺫﺍﺑﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﺳـﻮﺍﺭﻩ ﻛﻞ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ
ﺣﺸـﺪ ﺍﻟﻌـﺪﻭ ﺟﻴﻮﺷﻪ ﺑﺎﻟﻨﺎﺭ ﻭﺍﻟﺪﻡ ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺪ
ﻇﻤﺊ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ ﻓﺮﺍﺡ ﻳﻨﻬﻞ ﻣﻦ ﺩﻡ ﺍﻟﺒﺎﻏﻲ ﺍﻟﻌﻨﻴﺪ
ﻗﺼﺺ ﺍﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﻋﺮﻓﺘﻬﺎ ﻳﺎ ﺑﻮﺭﺳﻌﻴﺪ ﻭﻓﻲ
ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﺃﻓﺮﺩﺕ ﺍﻟﻤﺠﻠﺔ ﺻﻔﺤﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﻘﺼﻴﺪﺓ
ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ: "ﻋﻴﺪ ﺍﻷﻣﻮﻣﺔ" ، ﻭﻛﺘﺒﺖ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ :
ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ، ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻠﻄﺎﻟﺐ ﻛﺴﺎﺑﻘﺘﻬﺎ، ﺟﺎﺀ
ﻓﻴﻬﺎ:
ﺭﻳﺞ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻠﺪ .. ﻋﺬﺏ ﻋﻄﺮ ﻭﺻﻮﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻓﻴﻪ
ﺍﻟﻈﻔﺮ
ﻭﻋﻴﺪ ﻟـﻪ ﻳﻬﺘﻒ ﺍﻟﺸـﺎﻃﺌﺎﻥ ﻭﺇﻛﻠﻴﻠﻪ ﻣﻦ ﻋﻴﻮﻥ ﺍﻟﺰﻫﺮ…
ﻭﻣﺼﺮ ﺍﻟﻌﻼ .. ﺃﻡ ﻛﻞ ﻃﻤﻮﺡ .. ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺪ ﺷﺪﺕ ﺭﺣﺎﻝ
ﺍﻟﺴﻔﺮ
ﻭﺃﻣﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﺑﻨﺖ ﺍﻟﺠـﺮﺍﺡ ﻭﻧﺒﺖ ﺩﻣﺎﺀ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ
ﺍﻟﺨﻀـﺮ
ﻳﺆﺟـﺞ ﺗﺤﻨﺎﻧﻬـﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺿﺮﺍﻣًﺎ ﻋﻠﻰ ﺛﺎﺋﺮ ﻫﺎ
ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ
ﻭﺃﻣﻲ ﻛﻞ ﺑـﻼﺩ.… ﺗﺜـﻮﺭ ﺃﺿﺎﻟﻌـﻬﺎ ﺑﺎﻟﻠﻈﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻄـﺮ
ﻭﺣﺼﻞ ﺃﻣﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﺎﻡ 1957 ، ﻭﺍﻟﺘﺤﻖ
ﺑﻜﻠﻴﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻋﺎﻡ 1958 ﻟﻤﺪﺓ ﻋﺎﻡ ﻭﺍﺣﺪ
ﻓﻘﻂ، ﻋﺎﺩ ﺍﻟﻰ ﻣﺤﺎﻓﻆ ﻗﻨﺎ، ﻭﻋﻤﻞ ﻣﻮﻇﻔﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ
ﻟﻜﻨﻪ ﺍﻧﺸﻐﻞ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ، ﻭﻳﻐﺎﺩﺭ
ﻟﻠﻘﺎﻫﺮﺓ ﻣﺮﻩ ﺃﺧﺮﻯ ﻫﺎﺋﻤﺎً ﺧﻠﻒ ﺷﻴﻄﺎﻥ ﺷﻌﺮﻩ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ..
ﻟﻜﻨﻪ ﺍﺣﺘﺎﺝ ﻟﻠﻮﻇﻴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻓﻌﺎﺩ ﻟﻴﻌﻤﻞ ﻣﻮﻇﻔﺎً
ﺑﻤﺼﻠﺤﻪ ﺍﻟﺠﻤﺎﺭﻙ ﺑﺎﻟﺴﻮﻳﺲ ﺛﻢ ﺑﺎﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ،
ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻋﺎﺩ ﻟﻴﺘﺮﻙ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎً ﻭﻳﺘﻔﺮﻍ ﻟﺸﻌﺮﻩ ﻋﺎﻡ
.1971 ﻭﻗﺪ ﺍﺗﺎﺣﺖ ﻟﻪ ﺇﻗﺎﻣﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻧﻘﻠﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ
ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﺪﻧﻘﻠﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻨﻪ " ﻗﺎﺳﻢ
ﺣﺪﺍﺩ" ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻟﻪ : " ﺳﻴﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺪﺭ" ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ
" ﺍﻟﺪﻭﺣﺔ" ﺃﻏﺴﻄﺲ :1983 "ﺩﻭﻥ ﺿﺠﻴﺞ ﺟﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻌﺮ
ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﺻﻌﻴﺪ ﻣﺼﺮ، ﻭﻛﺘﺐ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ،
ﻭﻛﺴﺮ ﺟﺪﺭﺍﻥ ﻗﻠﻌﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪ ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻌﻬﺪ ﺍﻟﺸﻌﺮ
ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﻭﻟﻢ ﻳﻌﻬﺪ ﺍﻟﻜﺴﻮﺭ" ، ﻭﻫﻮ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ
ﺫﻟﻚ ﺣﻴﻦ ﻳﻘﻮﻝ :
ﻛﻨﺖ ﻻ ﺃﺣﻤﻞ ﺇﻻ ﻗﻠﻤﺎ ﺑﻴﻦ ﺿﻠﻮﻋﻲ
ﻛﻨﺖ ﻻ ﺃﺣﻤﻞ ﺇﻻ ﻗﻠﻤﻲ
ﻓﻲ ﻳﺪﻱ : ﺧﻤﺲ ﻣﺮﺍﻳﺎ
ﺗﻌﻜﺲ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺮﻱ ﻣﻦ ﺩﻣﻲ
ﺍﻓﺘﺤﻮﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ
ﻓﻤﺎ ﺭﺩ ﺍﻟﺤﺮﺱ
ﺍﻓﺘﺤﻮﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ..… ﺃﻧﺎ ﺃﻃﻠﺐ ﻇﻼ
ﻗﻴﻞ : ﻛﻼ
ﺛﻮﺭﺓ ﺃﻣﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ :
ﺟﺎﺀﺕ ﺛﻮﺭﺓ ﻳﻮﻟﻴﻮ ﺑﺸﻌﺎﺭﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﺮﻧﺎﻧﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﺬﺑﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ
ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺃﻣﻼً ﺟﻤﻮﺣﺎً ﻟﻠﺸﻌﺐ
ﺍﻟﻜﺎﺩﺡ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﺍﺑﻦ ﺃﻗﺼﻲ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ،
ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻣﻞ ﻟﻢ ﺗﺪﻋﺔ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﻛﻐﻴﺮﻩ ﻣﻤﻦ ﺍﻧﺴﺎﻗﻮﺍ
ﻭﺭﺍﺋﻬﺎ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﺘﻨﺒﻬﺎً ﻷﺧﻄﺎﺋﻬﺎ ﻭﺧﻄﺎﻳﺎﻫﺎ، ﻓﺴﺠﻞ
ﺭﻓﻀﺔ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﺤﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴﺔ ﻻ ﺷﻌﺎﺭﻫﺎ، ﻓﻬﻮ ﻳﺮﻓﺾ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺰﻋﻮﻣﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﻓﺘﺤﺖ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺴﺠﻮﻥ ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻼﺕ، ﻭﺿﻤﺖ ﻓﻲ
ﻏﻴﺎﻫﺒﻬﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻣﺼﺮ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﻨﺴﺎﻗﻮﺍ
ﻭﺭﺍﺋﻬﺎ، ﻓﻴﻘﻮﻝ:
ﺃﺑﺎﻧﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺒﺎﺣﺚ، ﻧﺤﻦ ﺭﻋﺎﻳﺎﻙ
ﺃﺑﺎﻧﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺒﺎﺣﺚ، ﻧﺤﻦ ﺭﻋﺎﻳﺎﻙ
ﻭﺑﺎﻕ ﻟﻤﻦ ﺗﺤﺮﺱ ﺍﻟﺮﻫﺒﻮﺕ
ﺗﻔﺮّﺩﺕ ﻭﺣﺪﻙ ﺑﺎﻟﻴﺴﺮ
ﺇﻥ ﺍﻟﻴﻤﻴﻦ ﻟﻔﻲ ﺧﺴﺮ
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﻓﻔﻲ ﻋﺴﺮ
ﺇﻻ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺎﺷﻮﻥ
ﺇﻻ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ..
ﻳﺤﺸﻮﻥ ﺑﺎﻟﺼﺤﻒ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﺍﺓ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﻓﻴﻌﻴﺸﻮﻥ
ﺇﻻ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻮﺷُﻮﻥ
ﺇﻻ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻮﺷﻮﻥ ﻳﺎﻗﺎﺕ ﻗﻤﺼﺎﻧﻬﻢ ﺑﺮﺑﺎﻁ ﺍﻟﺴﻜﻮﺕ
ﺍﻟﺼﻤﺖ ﻭﺷﻤﻚ ..
ﻭﺍﻟﺼﻤﺖ ﻭﺳﻤﻚ
ﻭﺍﻟﺼﻤﺖ ﺃﻧﻰ ﺍﻟﺘﻔﺖّ
ﻭﻗﺪ ﻧﺸﺮ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ﻟﻠﻤﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ
( ﺳﻨﺎﺑﻞ ) ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﺼﺪﺭﻫﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻔﻴﻔﻲ
ﻣﻄﺮ ﻣﻦ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻛﻔﺮ ﺍﻟﺸﻴﺦ , ﻭﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺇﻏﻼﻕ
ﺍﻟﻤﺠﻠﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﺸﺮﺕ ﻗﺼﻴﺪﺓ (ﺍﻟﻜﻌﻜﺔ ﺍﻟﺤﺠﺮﻳﺔ) ،
ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻇﻠّﺖْ ﺗُﻘﺮﺃ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻞ ﺍﻟﻄﻼﺑﻴﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻀﺮﻫﺎ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ , ﻭﺻﺎﻍ ﺑﻘﺼﻴﺪﺗﻪ ( ﺃﻏﻨﻴﺔ
ﺍﻟﻜﻌﻜﺔ ﺍﻟﺤﺠﺮﻳﺔ) ﺫﺭﻭﺓ ﺗﻌﺒﻴﺮﻫﺎ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺟﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻤﺜﻞ
ﻓﻲ ﺍﻻﻋﺘﺼﺎﻡ ﺑﻤﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻨﺼﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ
ﻗﺎﺋﻤﺎً ﻓﻴﻪ , ﻭﻫﻮ ﺍﻻﻋﺘﺼﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻀّﺘﻪ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﻷﻣﻦ
ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ ﺗﻔﺎﻗﻢ ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ , ﻓﺴﻘﻂ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﻄﻼﺏ ﺿﺤﻴﺔ ﺍﻻﺻﻄﺪﺍﻡ . ﻭﺍﻧﻄﻠﻖ ﺻﻮﺕ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ
ﻳﺴﺠّﻞ ( ﺍﻹﺻﺤﺎﺡ ﺍﻷﻭﻝ) ﻣﻦ (ﺳﻔﺮ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ) :
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻮﺍﻗﻔﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓّﺔ ﺍﻟﻤﺬﺑﺤﻪ
ﺷﻬﺮﻭﺍ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ !
ﺳﻘﻂ ﺍﻟﻤﻮﺕُ; ﻭﺍﻧْﻔَﺮَﻁَ ﺍﻟﻘﻠﺐُ ﻛﺎﻟﻤﺴﺒﺤﻪْ
ﻭﺍﻟﺪﻡ ﺍﻧﺴﺎﺏ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻮﺷﺎﺡ!
ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻝ ﺃﺿﺮﺣَﺔ ,
ﻭﺍﻟﺰﻧﺎﺯﻥ ﺃﺿْﺮﺣَﻪْ
ﻓﺎﺭﻓﻌﻮﺍ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ
ﻭﺍﺗﺒﻌﻮﻧﻲ !
ﺃﻧﺎ ﻧﺪﻡ ﺍﻟﻐﺪ ﻭﺍﻟﺒﺎﺭﺣﺔ
ﺭﺍﻳﺘﻲ : ﻋﻈﻤﺘﺎﻥ… ﻭﺟُﻤﺠُﻤَﺔ
ﻭﺷﻌﺎﺭﻱ: ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ.
ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺯﺭﻗﺎﺀ ﺍﻟﻴﻤﺎﻣﺔ !!
ﻭﻳﺴﺘﻤﺮ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ ﻳﺼﺎﺭﻉ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺈﻧﺘﺎﺝ
ﺷﻌﺮﻱ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻫﺰﻳﻤﺔ ﻳﻮﻧﻴﻮ 1967( ﺍﻟﻨﻜﺴﺔ) ﺑﺪﺍﻳﺔ
ﺍﻹﻧﻌﻄﺎﻓﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﺪﻧﻘﻞ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺸﻬﺮﺓ ﻭﻧﺤﻮ ﺍﻟﺸﻌﺮ،
ﻭﻓﻲ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻠﻨﻜﺴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﻛﺎﻥ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ
ﻳﻘﺮﺃ ﻗﺼﻴﺪﺓ ( ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺯﺭﻗﺎﺀ ﺍﻟﻴﻤﺎﻣﺔ) ﻗﺒﻞ
ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻭﻫﻲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺟﺮﻳﺌﺔ ﺃﻛﺪﺕ ﺧﻄﻮﺍﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ
ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﺍﻟﺜﻼﺛﻴﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﺓ ﺑﻌﺪ،
ﻣﺘﺨﺬﺍ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﺓ ﺭﻣﺰﺍ ﻛﻤﺎ ﻋﻮﺩﻧﺎ ﻣﻦ ﺫﻱ ﻗﺒﻞ ﻓﻲ
ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪﻩ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﻮﺍﻧﺎً ﻷﻫﻢ ﺩﻭﺍﻭﻳﻨﻪ
" ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺯﺭﻗﺎﺀ ﺍﻟﻴﻤﺎﻣﺔ" ، ﻭﻛﺎﻥ ﺑﻌﻀﻬﻢ
ﻳﺤﺬﺭﻩ ﻣﻦ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ، ﻭﻓﻴﻤﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ 1967
ﻭﺇﻟﻰ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ
ﻟﺴﺎﻥ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺒﻴﺮﺍً ﻋﻤﻴﻘﺎً ﻭﺻﺎﺩﻗﺎً ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ
ﻓﻴﻘﻮﻝ:
ﺃﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺍﻓﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﺟﺌﺖ ﺍﻟﻴﻚ ﻣﺜﺨﻨﺎ ﺑﺎﻟﻄﻌﻨﺎﺕ
ﻭﺍﻟﺪﻣﺎﺀ
ﺃﺯﺣﻒ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻃﻒ ﺍﻟﻘﺘﻠﻲ، ﻭﻓﻮﻕ ﺍﻟﺠﺜﺚ ﺍﻟﻤﻜﺪﺳﺔ
ﻣﻨﻜﺴﺮ ﺍﻟﺴﻴﻒ، ﻣﻐﺒﺮ ﺍﻟﺠﺒﻴﻦ ﻭﺍﻷﻋﻀﺎﺀ
ﺃﺳﺄﻝ ﻳﺎ ﺯﺭﻗﺎﺀ
ﻛﻴﻒ ﺣﻤﻠﺖ ﺍﻟﻌﺎﺭ
ﺛﻢ ﻣﺸﻴﺖ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴﻲ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﻧﻬﺎﺭ
ﻭﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺴﻘﻂ ﻟﺤﻤﻲ ﻣﻦ ﻏﺒﺎﺭ ﺍﻟﺘﺮﺑﺔ ﺍﻟﻤﺪﻧﺴﺔ
ﺃﻋﺎﺩﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ ﻣﺄﺳﺎﺓ (ﺯﺭﻗﺎﺀ ﺍﻟﻴﻤﺎﻣﺔ)
ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺬﺭﺕ ﻗﻮﻣﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻄﺮ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﻓﻠﻢ ﻳﺼﺪﻗﻮﻫﺎ،
ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺻﻮﺕ ﺍﻻﺑﺪﺍﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﺬﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻄﺮ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ
ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1967 (ﺍﻟﻨﻜﺴﺔ ) ﻓﻠﻢ ﻳﺼﺪﻗﻪ ﺃﺣﺪ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ
ﺣﺪﺛﺖ ﺍﻟﻜﺎﺭﺛﺔ، ﻭﺇﺫ ﺃﻛﺪ ( ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺯﺭﻗﺎﺀ
ﺍﻟﻴﻤﺎﻣﺔ ) ﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺍﻟﺤﺎﺿﺮ
ﺗﺄﺗﻲ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻻﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻟﺘﺠﺴﺪ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻦ
ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﺑﺤﺘﻪ ﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ، ﻭﺻﻮﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ
ﺍﻟﺬﻱ ﺧﺬﻟﻮﻩ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺣﺬﺭﻫﻢ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻱ، ﻓﺘﺤﺪﺙ
ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﻌﺒﺴﻲ ﺍﻟﺒﺎﺋﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻋﻲ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻴﺪﺍﻥ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺣﻮﻝ ﻟﻪ ﻭﻻ ﺷﺄﻥ، ﻓﺎﻧﻬﺰﻡ ﻭﺧﺮﺝ ﻣﻦ
ﺟﺤﻴﻢ ﻫﺰﻳﻤﺘﻪ ﻋﺎﺟﺰﺍً، ﻋﺎﺭﻳﺎً، ﻣﻬﺎﻧﺎً، ﺻﺎﺭﺧﺎً، ﻛﺄﻧﻪ ﺻﺪﻯ
ﻳﺠﺴﺪ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﻛﻞ ﻗﺎﺭﺉ ﻋﺮﺑﻲ ﻟﻠﻘﺼﻴﺪﺓ ﻓﻲ
ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺘﺒﺖ ﻓﻴﻪ، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺻﻮﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒﺪ
ﺍﻟﻌﺒﺴﻲ ﺷﺎﻫﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﻓﺈﻥ ﺑﻜﺎﺀﻩ ﻓﻲ ﺣﻀﺮﺓ
ﺯﺭﻗﺎﺀ ﺍﻟﻴﻤﺎﻣﺔ - ﺍﻟﻌﺮﺍﻓﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ - ﺷﺎﻫﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ
ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ، ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ
ﻫﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺮﺍﻓﺔ: ﻳﺮﻯ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺮﺍﻩ ﺍﻵﺧﺮﻭﻥ
ﻭﻳﺮﻫﺺ ﺑﺎﻟﻜﺎﺭﺛﺔ ﻗﺒﻞ ﻭﻗﻮﻋﻬﺎ، ﻭﻳﻨﻄﻖ ﺷﻬﺎﺩﺗﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﻭﻗﻮﻋﻬﺎ، ﻭﻳﺘﻮﻟﻰ ﺗﻌﺮﻳﺔ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺩﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﻏﻴﺮ
ﻣﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺩﺍﻧﺔ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻌﻴﻪ ﺇﻟﻰ
ﺍﺳﺘﺸﺮﺍﻑ ﺃﻓﻖ ﺍﻟﻮﻋﺪ ﺑﺎﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﺗﻲ
ﺑﺎﻟﺨﻼﺹ .
ﻭﻳﺴﺘﻤﺮ ﺍﻟﺮﻓﺾ ..
ﻭﺑﻌﺪ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻋﻮﺍﻡ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﻣﻦ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺰﻗﺖ
ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﺭﺣﻞ ﺟﻤﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ، ﻭﻛﺎﻧﺖ
ﻭﻓﺎﺗﻪ ﺃﻭ ﺑﺎﻷﺻﺢ ﻛﺎﻥ ﻏﻴﺎﺑﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ
ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﻔﺎﺟﻌﺔ ﻫﺰﻳﻤﺔ ﺃﺧﺮﻯ، ﻭﺑﻌﺪ ﺭﺣﻴﻞ
ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﺑﺄﺭﺑﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎً ﺍﻟﺘﻘﻰ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﻦ
ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻷﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﺘﺄﺑﻴﻦ ﺍﻟﺰﻋﻴﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﻭﻓﻲ
ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺣﺔ ﺍﻟﺠﺎﻧﺒﻴﺔ ﻟﻠﻘﺎﻋﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻟﻼﺗﺤﺎﺩ
ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻲ ﻛﺎﻥ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺩ ﻳﻘﻄﻌﻮﻥ
ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭ ﻟﺤﻈﺔ ﺍﻓﺘﺘﺎﺡ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ
ﺍﻟﺘﺄﺑﻴﻨﻲ…
ﺍﻧﻔﺠﺮ ﺃﻣﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﻬﺪﻭﺀ؛ ﻟﻜﻦ ﺑﻨﻮﻉ ﻣﺮﻳﺮ
ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﻟﻢ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺮ، ﻭﺻﺎﺭﺕ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﺎﺻﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺭﻗﻰ ﻣﻼﻣﺢ ﺷﻌﺮﻩ، ﻓﻴﻘﻮﻝ :
(ﻗﻴﻞ ﻟﻲ ﺃﺧﺮﺱ)
ﻓﺨﺮﺳﺖ، ﻭﻋﻤﻴﺖ ﻭﺍﺋﺘﻤﻤﺖ ﺑﺎﻟﺨﺼﻴﺎﻥ
ﻇﻠﻠﺖ ﻓﻲ ﻋﺒﻴﺪ " ﻋﺒﺲ" ﺃﺣﺮﺱ ﺍﻟﻘﻄﻌﺎﻥ
ﺃﺟﺰ ﺻﻮﻓﻬﺎ
ﺃﺭﺩ ﻧﻮﻗﻬﺎ
ﺃﻧﺎﻡ ﻓﻲ ﺣﻀﺎﺋﺮ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ
ﻃﻌﺎﻣﻲ: ﺍﻟﻜﺴﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﺘﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﻴﺎﺑﺴﺔ
ﻭﻫﺎ ﺃﻧﺎ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﺍﻟﻄﻌﺎﻥ
ﺳﺎﻋﺔ ﺃﻥ ﺗﺨﺎﺫﻝ ﺍﻟﻜﻤﺎﺓ ﻭﺍﻟﺮﻣﺎﺓ ﻭﺍﻟﻔﺮﺳﺎﻥ
ﺩﻋﻴﺖ ﻟﻠﻤﻴﺪﺍﻥ
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺎ ﺫﻗﺖ ﻟﺤﻢ ﺍﻟﻀﺎﻥ
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺣﻮﻝ ﻟﻲ ﺃﻭ ﺷﺎﻥ
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻗﺼﻴﺖ ﻋﻦ ﻣﺠﺎﻟﺲ ﺍﻟﻔﺘﻴﺎﻥ
ﺃﺩﻋﻰ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻤﻮﺕ .. ﻭﻟﻢ ﺃﺩﻉ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﺴﺔ
ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺰﻱ ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪﻩ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺯﺭﻗﺎﺀ
ﺍﻟﻴﻤﺎﻣﺔ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ ﻣﻦ ﻋﺒﻴﺪ ﻋﺒﺲ ﻳﻈﻞ ﻳﺤﺮﺱ
ﺍﻟﻘﻄﻌﺎﻥ، ﻳﺼﻞ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺑﺎﻟﻨﻬﺎﺭ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ،
ﻃﻌﺎﻣﻪ ﺍﻟﻜﺴﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﺘﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﻴﺎﺑﺴﺔ، ﻭﺣﻴﻦ
ﺗﻘﻊ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﻰ
(ﺯﺭﻗﺎﺀ ﺍﻟﻴﻤﺎﻣﺔ ) ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﺒﺮﻫﺎ ﺃﻣﻞ ﻛﺎﻫﻨﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ،
ﻛﻲ ﻳﻨﻔﺠﺮ ﻓﻲ ﺣﻀﺮﺗﻬﺎ ﺷﻌﺮﺍً .
ﻭﻳﻮﺍﺻﻞ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺴﺎﺩﺍﺕ ﺃﻗﺴﻰ ﺩﺭﺟﺎﺕ
ﺭﻓﻀﻪ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ , ﺧﺼﻮﺻﺎً ﻓﻲ ﻣﺎ ﺳﻤﻲ ﻋﺎﻡ
ﺍﻟﻀﺒﺎﺏ , ﻭﺗﺄﺗﻲ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻛﺎﻣﺐ ﺩﻳﻔﻴﺪ ﻓﻴﻜﺘﺐ ﺃﻣﻞ
ﺩﻧﻘﻞ : " ﻻ ﺗﺼﺎﻟﺢ" ، ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ:
ﻻ ﺗﺼﺎﻟﺢْ !
.. ﻭﻟﻮ ﻣﻨﺤﻮﻙ ﺍﻟﺬﻫﺐ
ﺃﺗﺮﻯ ﺣﻴﻦ ﺃﻓﻘﺄ ﻋﻴﻨﻴﻚ
ﺛﻢ ﺃﺛﺒﺖ ﺟﻮﻫﺮﺗﻴﻦ ﻣﻜﺎﻧﻬﻤﺎ ..
ﻫﻞ ﺗﺮﻯ..؟
ﻫﻲ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻻ ﺗﺸﺘﺮﻱ !!!
ﻻ ﺗﺼﺎﻟﺢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻡ .. ﺣﺘﻰ ﺑﺪﻡ
ﻻ ﺗﺼﺎﻟﺢ ! ﻭﻟﻮ ﻗﻴﻞ ﺭﺃﺱ ﺑﺮﺃﺱٍ
ﺃﻛﻞُّ ﺍﻟﺮﺅﻭﺱ ﺳﻮﺍﺀٌ ؟ .… ﺃﻗﻠﺐ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﻛﻘﻠﺐ ﺃﺧﻴﻚ ؟
ﺃﻋﻴﻨﺎﻩ ﻋﻴﻨﺎ ﺃﺧﻴﻚ ؟!
ﻭﻫﻞ ﺗﺘﺴﺎﻭﻯ ﻳﺪٌ .. ﺳﻴﻔﻬﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻚ
ﺑﻴﺪٍ ﺳﻴﻔﻬﺎ .……… ﺃﺛْﻜَﻠﻚ ؟
ﻭﻛﺎﻥ ﺃﻣﻞ ﺑﺪﺃ ﻳﻜﺘﺐ (ﻻ ﺗﺼﺎﻟﺢ ) ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺗﻮﻗﻴﻊ
ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻲ , ﻻ ﻷﻧﻪ ﻳﺮﻓﺾ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻷﻧﻪ
ﻳﺮﻓﺾ ﺍﻻﺳﺘﺴﻼﻡ , ﻭﻳﺘﻄﻠﻊ ﺇﻟﻰ ﺳﻼﻡ ﻋﺎﺩﻝ ﻳﻌﻴﺪ
ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻷﺻﺤﺎﺑﻬﺎ , ﻭﺇﻻ ﻓﻼ ﻟﺰﻭﻡ ﻟﻪ , ﻭﻻ ﻣﻔﺮ ﻣﻦ
ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﺳﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺴﻠﻴﺒﺔ
ﻛﻠﻬﺎ، ﻭﻣﺎ ﺃﺳﺮﻉ ﻣﺎ ﺗﺤﻮﻟﺖ ( ﻻ ﺗﺼﺎﻟﺢ) ﺇﻟﻰ ﻗﺼﻴﺪﺓ
ﻗﻮﻣﻴﺔ ﻳﺮﺩﺩﻫﺎ ﻛﻞ ﺍﻟﺮﺍﻓﻀﻴﻦ ﻟﻠﺘﻨﺎﺯﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻬﺎ
ﺍﻟﺴﺎﺩﺍﺕ ﺛﻤﻨﺎً ﻟﻠﺼﻠﺢ ﻣﻊ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺣِﺪَّﺓ ﺭﻓﻀﻪ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻣﻘﺮﻭﻧﺔ ﺑﺎﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪﻓﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺃﺳﻄﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ:
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ: ﻟﻢ ﻳﺒﻖَ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭْ
ﻗﺪ ﻣﻨﻌﻨﺎ ﺟﺰﻳﺔَ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﻟﻤﻤﻠﻮﻙٍ ﻭﻋَﺒْﺪْ
ﻭﻗﻄﻌﻨﺎ ﺷﻌﺮﺓَ ﺍﻟﻮﺍﻟﻲ ( ﺍﺑﻦ ﻫﻨﺪ )
ﻟﻴﺲ ﻣﺎ ﻧﺨﺴﺮﻩ ﺍﻵﻥَ…
ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﻘﻬﻰ ﻟﻤﻘﻬﻰ
ﻭﻣﻦ ﻋﺎﺭٍ ﻟﻌَﺎﺭْ !!
ﻭﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1971 ﻳﻨﺸﺮ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ ﺩﻳﻮﺍﻧﻪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ:
"ﺗﻌﻠﻴﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ" ﺛﻢ ﻳﺄﺗﻲ ﻧﺼﺮ 1973 ﻭﻋﺠﺐ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻒ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ ﺍﻟﺬﻯ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﺐ ﺷﻌﺮﺍً
ﻳﻤﺠﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﺣﻴﺚ ﻳﺼﺪﺭ ﺩﻳﻮﺍﻧﻪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ " ﻣﻘﺘﻞ
ﺍﻟﻘﻤﺮ" ﻋﺎﻡ 1974 ﺩﻭﻧﻤﺎ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ
ﺍﻟﻨﺼﺮ ﺑﻞ ﺃﻧﻪ ﻳﺤﺬﺭ ﻭﻳﺘﻨﺒﺄ : ﻣﺎﺫﺍ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻨﺼﺮ؟، ﻭﻓﻲ
1975 ﻳﺼﺪﺭ ﺩﻳﻮﺍﻧﻪ "ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻵﺗﻰ" ﺍﻟﺬﻯ ﻭﺻﻞ ﻓﻴﻪ
ﻟﻠﻘﻤﺔ ﻓﻰ ﺍﻟﺸﻌﺮ.
ﻭﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺃﻳﺎﻡ ﺭﺑﻴﻊ ﻋﺎﻡ 1976 ﻳﻠﺘﻘﻲ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ
ﺑﺎﻟﺼﺤﻔﻴﺔ " ﻋﺒﻠﺔ ﺍﻟﺮﻭﻳﻨﻲ" ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻤﻞ
ﺑﺠﺮﻳﺪﺓ "ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ" ﻓﺘﻨﺸﺄ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺣﺐ ﻗﻮﻳﺔ
ﺗﺘﻮﺝ ﺑﺎﻟﺰﻭﺍﺝ 1978 ، ﻭﻷﻥ "ﺃﻣﻞ" ﻛﺎﻥ ﻛﺜﻴﺮ ﺍﻟﺘﻨﻘﻞ
ﻭﺍﻟﺘﺮﺣﺎﻝ ﻓﻘﺪ ﺍﺗﺨﺬ ﻣﻘﺮًﺍ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺑﻤﻘﻬﻰ " ﺭﻳﺶ" ، ﻭﺇﺫﺍ
ﺑﺎﻟﺼﺤﻔﻴﺔ " ﻋﺒﻠﺔ ﺍﻟﺮﻭﻳﻨﻲ" ﺯﻭﺟﺔ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ
ﻳﻤﻠﻚ ﻣﺴﻜﻨﺎً، ﻭﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﻣﺎﻻً ﻳﻌﺪّ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﻜﻦ ﺗﻘﺒﻞ
ﺃﻥ ﺗﻌﻴﺶ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ ﺑﻔﻨﺪﻕ، ﻭﺗﻨﺘﻘﻞ ﻣﻊ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻣﻦ
ﻓﻨﺪﻕ ﻵﺧﺮ، ﻭﻣﻦ ﻏﺮﻓﺔ ﻣﻔﺮﻭﺷﺔ ﻷﺧﺮﻯ .
ﺃﻣﻞ ﻭﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ
ﺃﺻﻴﺐ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ ﺑﻤﺮﺽ ﺍﻟﺴﺮﻃﺎﻥ ﺍﻟﺨﺒﻴﺚ ﻋﺎﻡ 1979
ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﺇﺭﺍﺩﻩ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻓﻰ ﺻﺮﺍﻋﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺮﺽ،
ﻭﺩﺧﻞ ﺃﻣﻞ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻟﻠﻌﻼﺝ، ﻭﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﻣﺎﻻً
ﻟﻠﻌﻼﺝ ﺍﻟﺒﺎﻫﻆ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺘﺎﺟﻪ ﻓﻲ ﻣﺮﺿﻪ، ﻭﺑﺪﺃﺕ ﺣﻤﻠﺔ
ﻟﻌﻮﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻌﺠﺒﻴﻦ، ﻭﻛﺎﻥ
ﺃﻭﻟﻬﻢ " ﻳﻮﺳﻒ ﺇﺩﺭﻳﺲ" ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺑﻌﻼﺝ ﺃﻣﻞ
ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻘﺘﻬﺎ، ﻭﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻛﺎﻟﻌﺎﺩﺓ ﻟﻢ ﺗﻮﺍﻓﻖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ
ﻋﻠﻰ ﻋﻼﺝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﺍﻟﻤﺸﺎﻏﺐ ﻟﻜﻦ ﺃﺻﺪﻗﺎﺀﻩ
ﺃﻗﺎﻣﻮﺍ ﺣﻤﻠﻪ ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺗﻪ ﻓﻄﻠﺐ ﺃﻣﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ
ﺣﻤﻠﺔ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ .
ﻭﻇﻞ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ ﻳﻜﺘﺐ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ ﻣﺮﻗﺪﻩ ﺑﺎﻟﻐﺮﻓﻪ ﺭﻗﻢ
8 ﺑﺎﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﺐ ﺍﻟﺜﻘﺎﺏ ﻭﻫﻮﺍﻣﺶ ﺍﻟﺠﺮﺍﺋﺪ،
ﻭﻟﻢ ﻳﻬﻤﻞ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻟﺤﻈﺔ ﺣﺘﻰ ﺁﺧﺮ ﺃﻳﺎﻣﻪ، ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻪ ﻳﺘﻢ
ﺩﻳﻮﺍﻧﺎ ﻛﺎﻣﻼ ﺑﺎﺳﻢ " ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ "8 ﻧﺸﺮﺗﻪ ﺯﻭﺟﺘﻪ
ﺑﻌﺪ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎً ﻣﻦ ﻭﻓﺎﺗﻪ ﺑﻤﺴﺎﻋﺪﻩ ﻭﺯﺍﺭﻩ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ
ﻭﻭﺻﻮﻻً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﻄﺔ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﺣﻴﺎﺓ ﻭﺷﻌﺮﺍً ,
ﻓﻲ (ﻏﺮﻓﺔ ﺭﻗﻢ 8) ﺑﻤﻌﻬﺪ ﺍﻷﻭﺭﺍﻡ ﻭﻫﻨﺎ ﺗﺒﺪﻭ ﻣﻔﺎﺭﻗﺔ ﺃﺧﺮﻯ
ﻓﻲ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳّﺔ ﻋﻨﺪ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ , ﻣﻔﺎﺭﻗﺔ
ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﻘﺎﺩ ﺗﺒﺪﻭ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ
ﻭﺍﻟﻤﺒﺪﻋﻴﻦ; ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺘﺒﺔ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ
ﺣﺘﻤﺎً , ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﻤﻮﺷﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﻄﻔﺎﺀ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ,
ﻳﻨﻬﻲ ﻣﺴﺎﺭ ﺗﺤﺪﻳّﺎﺗﻪ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﺰﻣﻦ ﻭﻳﺴﺘﻜﻴﻦ ﺇﻟﻲ
ﻗَﺪﺭﻩ;
ﻭﺇﺫﺍ ﺛﻤﺔ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻓﻠﻴﺴﺖ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺷﻜﻮﻯ ﻗﺪﺭﻳّﺔ ﻭﺑﻮﺡ
ﻭﺍﺳﺘﺮﺣﺎﻡ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺒﺎﺋﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺗﺪ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ
ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﺍﻻﻧﻜﺴﺎﺭ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻲ، ﻓﻲ (ﻏﺮﻓﺔ ﺭﻗﻢ 8) ﻧﻘﺮﺃ
ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻷﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ , ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﺍً ﻟﻠﺮﺣﻠﺔ
ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻴﺔ ﺑﺮﻫﺎﻓﺔ ﻭﺇﺷﺮﺍﻕ ﺃﻛﺒﺮ، ﺧﻔّﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺠَﻠَﺒﺔ ﻓﻲ
ﺍﻟﻨﺺ , ﻭﺗﻌﻤﻖ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺗﺄﻣﻞ ﻭﺟﻮﺩﻱ ﺃﻛﺜﺮ ﺣﻀﻮﺭﺍً ﻋﻦ ﺫﻱ
ﻗﺒﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ.
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﻳﺘﺬﻛﺮ
( ﻫﻞ ﺃﻧﺎ ﻛﻨﺖ ﻃﻔﻼً
ﺃﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻃﻔﻼً ﺳﻮﺍﻱ?
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴّﺔ
ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻲ ﺟﺎﻟﺴﺎً ﻭﺃﻧﺎ ﻭﺍﻗﻒ ﺗﺘﺪﻟﻰ ﻳﺪﺍﻱ
ﺭﻓﺴﺔ ﻣﻦ ﻓﺮﺱ
ﺗﺮﻛﺖ ﻓﻲ ﺟﺒﻴﻨﻲ ﺷﺠﺎ ﻭﻋﻠﻤﺖ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺃﻥ ﻳﺤﺘﺮﺱ)
ﻭﻳﻤﻀﻲ ﺩﻧﻘﻞ ﻓﻲ ﺗﺄﻣﻞ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ
ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺑﻪ , ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺯﻫﻮﺭ ﺣﻴﺚ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻟﻪ
ﺍﻟﺰﻫﺮﺍﺕ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻋﻦ ﺳﺎﻋﺔ ﺇﻋﺪﺍﻣﻬﺎ ﻟﺤﻈﺔ ﺍﻟﻘﻄﻒ :
ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻟﻲ ﺍﻟﺰﻫﺮﺍﺕ
ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ
ﺃﻥ ﺃﻋﻴﻨﻬﺎ ﺍﺗﺴﻌﺖ –ﺩﻫﺸﺔ
ﻟﺤﻈﺔ ﺍﻟﻘﻄﻒ
ﻟﺤﻈﺔ ﺍﻟﻘﺼﻒ
ﻟﺤﻈﺔ ﺇﻋﺪﺍﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻤﻴﻠﺔ
***
ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻟﻲ
ﺃﻧﻬﺎ ﺳﻘﻄﺖ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﺷﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺴﺎﺗﻴﻦ
ﺛﻢ ﺃﻓﺎﻗﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﺿﻬﺎ ﻓﻲ ﺯﺟﺎﺝ ﺍﻟﺪﻛﺎﻛﻴﻦ
ﺃﻭ ﺑﻴﻦ ﺃﻳﺪﻱ ﺍﻟﻤﻨﺎﺩﻳﻦ
ﺣﺘﻰ ﺍﺷﺘﺮﺗﻬﺎ ﺍﻟﻴﺪ ﺍﻟﻤﺘﻔﻀﻠﺔ ﺍﻟﻌﺎﺑﺮﺓ
ﻛﻞ ﺑﺎﻗﺔ
ﺑﻴﻦ ﺇﻏﻔﺎﺀﺓ ﻭ ﺇﻓﺎﻗﺔ
ﺗﺘﻨﻔﺲ ﻣﺜﻠﻲ - ﺑﺎﻟﻜﺎﺩ - ﺛﺎﻧﻴﺔ .. ﺛﺎﻧﻴﺔ
ﻭ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﺭﻫﺎ ﺣﻤﻠﺖ ﺭﺍﺿﻴﺔ
ﺍﺳﻢ ﻗﺎﺗﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻄﺎﻗﺔ !!
ﺗﻮﻓﻰ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ ﻳﻮﻡ 21 ﻣﺎﻳﻮ ﻋﺎﻡ 1983 ﻭﺩﻓﻦ
ﺑﻤﺴﻘﻂ ﺭﺃﺳﻪ ﻓﻰ "ﻗﻔﻂ" ﻓﻰ ﻣﻘﺎﺑﺮ ﺃﺳﺮﺗﻪ ﻭﺃﻗﻴﻤﺖ
ﻟﻪ ﺟﻨﺎﺯﺓ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﺑﺤﺴﺐ ﻭﺻﻴﺘﻪ ﺍﻟﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻗﺼﺮ
ﻭﺃﺷﻬﺮ ﻭﺻﻴﻪ ﻓﻰ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻷﺩﺑﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ .. ﺳﻄﺮﻳﻦ
ﻓﻘﻂ ﻻ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﻝ ﻓﻴﻬﻤﺎ : " ﻻ ﺣﺰﻥ ﻭﻻ ﺑﻜﺎﺀ ﻓﻘﺪ ﺣﺰﻧﺖ
ﻭﺑﻜﻴﺖ ﻓﻰ ﺣﻴﺎﺗﻰ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻰ .. ﺃﻭﺻﻴﻜﻢ ﺑﺄﻥ ﺗﻜﺘﺒﻮﺍ
ﻋﻠﻰ ﻗﺒﺮﻯ ﻫﺬﺍ ﻗﺒﺮ ﻓﻼﻥ ﺍﺑﻦ ﻓﻼﻧﻪ ﺑﻦ ﻓﻼﻥ ﻭﻛﻞ ﻣﻦ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﺎﻥ"
ﺗﻮﻟﺖ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺍﻟﻮﻓﻴﻪ ﻋﺒﻠﺔ ﺍﻟﺮﻭﻳﻨﻲ ﺍﻻﺷﺮﺍﻑ ﻋﻠﻰ
ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻣﺎ ﺃﺗﻤﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ﺍﻟﻤﻄﻮﻟﻪ
( ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻯ ﺯﺭﻗﺎﺀ ﺍﻟﻴﻤﺎﻣﺔ ) ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ ﺟﺪﻳﺪ ﻫﻮ
(ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻋﻦ ﺣﺮﺏ ﺍﻟﺒﺴﻮﺱ ) ﻓﻰ ﺩﻳﻮﺍﻥ ﻛﺎﻣﻞ ﺻﺪﺭ
ﻋﺎﻡ 1984 ، ﻗﺒﻴﻞ ﻧﺸﺮ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻋﺎﻡ 1985
ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺷﺮﻓﺖ ﺍﻟﺴﻴﺪﻩ ﻋﺒﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻃﺒﻌﺔ ﻟﻬﺎ.
ﺻﻔﺎﺕ ﺃﻣﻞ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ
ﺍﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﻟﺸﻌﺮ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ ﻭﻗﺼﺔ ﻛﻔﺎﺣﻪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ
ﻳﺴﺘﺸﻒ ﺑﻌﻀﺎً ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻤﺘﺒﺘﻞ ﻓﻲ
ﻣﺤﺮﺍﺏ ﺍﻟﺸﻌﺮ، ﻓﺄﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ ﺍﻟﺤﺲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ
ﺑﺎﻟﺮﺟﻮﻟﺔ , ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ ﺍﻟﺘﻨﺎﺯﻝ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ
ﻫﻴﻨﺎً , ﺍﻻﻋﺘﺰﺍﺯ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻌﺪ ﺣﺪ , ﺍﻟﺘﺮﻓﻊ ﻋﻦ
ﺍﻟﺼﻐﺎﺋﺮ , ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺍﻟﻨﺎﺩﺭ , ﺍﻹﺧﻼﺹ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ , ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ
ﺍﻟﺨﺎﻟﺼﺔ , ﺍﻟﻨﻬﻢ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻬﺪﺃ , ﺭﻭﺡ ﺍﻻﻧﻄﻼﻕ
ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻌﺮﻑ ﺍﻟﺴﻜﻮﻥ , ﺭﻏﺒﺔ ﺍﻟﻤﻐﺎﻣﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺨﺸﻰ
ﺷﻴﺌﺎً , ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ
ﺍﻟﻤﻬﺎﺩﻧﺔ ﻭﻳﺮﻓﺾ ﺍﻻﺳﺘﺴﻼﻡ , ﺍﺣﺘﻘﺎﺭ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺭﻏﻢ
ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻴﻪ , ﺗﻘﺪﻳﺲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺑﺼﻔﺘﻪ ﺍﻟﻔﺮﺡ
ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻨﺢ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﻌﻨﻰ , ﺍﻟﺠﺴﺎﺭﺓ
ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺘﻪ , ﻭﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﺍﻟﻘﺼﻮﻯ ﻓﻲ
ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻌﻘﺒﺎﺕ.
ﻛﺎﻥ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ ﻳﺮﻯ ﻋﺒﺮ ﺃﻗﻨﻌﺘﻪ ﻭﺃﺳﺎﻃﻴﺮﻩ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﺘﺎﺯ
ﺑﻬﺎ ﺷﻌﺮﻩ ﻣﺎ ﺳﻴﺆﻭﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ , ﻣﻦ ﺭﻋﺐ
ﻭﺍﻧﺤﺪﺍﺭ ﺗﺘﻮﺍﺿﻊ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﺃﻋﺘﻰ ﺍﻟﻤﺂﺳﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ
ﻭﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﻫﻮﻻً .
ﺭﻭﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ
ﻳﻈﻦ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻭﻥ ﺃﻥ ﺷﻌﺮ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ ﻛﺎﻥ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎً
ﻓﻘﻂ، ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺷﻌﺮ ﺃﻣﻞ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﺴﻲ ﻳﻘﺘﺮﻥ ﺩﺍﺋﻤﺎ
ﺑﺘﻮﻫﺞ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﺍﻟﺤﺐ ﺍﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺮ ﺑﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺘﻲ
ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻳﺪﺭﻙ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ، ﻭﻳﺨﻠﺺ ﻟﻬﺎ
ﻭﻳﻐﻔﺮ ﻟﻬﺎ ﺯﻻﺗﻬﺎ، ﻣﺎ ﻇﻞ ﻣﻘﺘﻨﻌﺎ ﺑﻄﻴﺐ ﻋﻨﺼﺮﻫﺎ،
ﻭﻣﺆﻣﻨﺎ ﺑﺎﻻﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺨﻼﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻴﻬﺎ،
ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺣﺒﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻨﺢ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺑﻬﺠﺘﻬﺎ، ﺭﻏﻢ ﻛﻞ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﻛﻞ
ﺇﺧﻔﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﺤﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ، ﻓﻨﺠﺪﺓ ﻳﻘﻮﻝ :
ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺃﻧﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺘﺼﻒ ﺃﻧﺖ ﺑﻴﻨﻲ ﻭﺑﻴﻦ ﻛﺘﺎﺑﻲ
ﻭﺑﻴﻨﻲ ﻭﺑﻴﻦ ﻓﺮﺍﺷﻲ ﻭﺑﻴﻨﻲ ﻭﺑﻴﻦ ﻫﺪﻭﺋﻲ
ﻭﺑﻴﻨﻲ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺫﻛﺮﻳﺎﺕ ﺳﺠﻨﻲ
ﻭﺻﻮﺗﻚ ﻳﺠﻠﺪﻧﻲ
ﻭﺩﻣﻲ ﻗﻄﺮﺓ ـ ﺑﻴﻦ ﻋﻴﻨﻴﻚ ـ ﻟﻴﺴﺖ ﺗﺠﻒ
ﻧﺠﺪ ﻓﻲ ﺷﻌﺮ ﺃﻣﻞ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﺴﻲ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺟﻤﻴﻠﺔ،
ﻭﺗﻌﺒﻴﺮﺍﺕ ﻣﺆﺛﺮﺓ، ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻃﻔﻠﺘﻬﺎ ﻣﻦ
ﺩﻳﻮﺍﻥ ﻣﻘﺘﻞ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻣﺮﺕ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﻭﺩﺍﻉ
ﺣﺒﻴﺒﺘﻪ ﻭﻓﺠﺄﺓ .. ﺭﺃﻯ ﻃﻔﻠﺘﻬﺎ :
ﻻ ﺗﻔّﺮﻱ ﻣﻦ ﻳﺪﻱ ﻣﺨﺘﺒﺌﺔ
.. ﺧﺒﺖ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺑﺠﻮﻑ ﺍﻟﻤﺪﻓﺄﺓ
ﺃﻧﺎ ..
( ﻟﻮ ﺗﺪﺭﻳﻦ )
ﻣﻦ ﻛﻨﺖِ ﻟﻪ ﻃﻔﻠﻪ
ﻟﻮﻻ ﺯﻣﺎﻥ ﻓﺠﺄﺓ
ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻛﻔﻲ ﻣﺎ ﺿﻴﻌﺘﻪ
ﻓﻲ ﻭﻋﻮﺩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺮﺟﺄﺓ
ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺣﺒﻲ ﻟﻢ ﺃﺩﺭ ﺑﻪ
.. ﺃﻭ ﻳﺪﺭﻱ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﻠﺆﻟﺆﺓ؟
ﺇﻧﻤﺎ ﻋﻤﺮﻙ ﻋﻤﺮ ﺿﺎﺋﻊ ﻣﻦ ﺷﺒﺎﺑﻲ
ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺭﻭﺏ ﺍﻟﻤﺨﻄﺌﺔ
" ﺿﺪّ ﻣﻦ" ﻋﻨﻮﺍﻥ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻟﺪﻧﻘﻞ ﻳﻠﺨﺺ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ
ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺑﻘﻮﻟﻪ "ﻭﻣﺘﻰ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻔﻘﺎﻥ ﺍﻃﻤﺄﻥ؟" ،
ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻳﺤﺘﺎﺭ ﺩﻧﻘﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﺽ
ﻭﻣﺪﻟﻮﻻﺗﻬﻤﺎ ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻳﺮ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﻟﻤﺮﺽ، ﻭﻟﻜﻨﻪ
ﻳﺴﺘﻘﺮ ﻣﺆﺧﺮﺍً ﻋﻠﻰ ﻟﻮﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ .. ﻟﻮﻥ ﺗﺮﺍﺏ ﺍﻟﻮﻃﻦ :
ﻓﻲ ﻏﺮﻑ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ
ﻛﺎﻥ ﻧﻘﺎﺏ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ ﺃﺑﻴﺾ
ﻟﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﻃﻒ ﺃﺑﻴﺾ
ﺗﺎﺝ ﺍﻟﺤﻜﻴﻤﺎﺕ ﺃﺑﻴﺾ
ﺍﻟﻤﻼﺀﺍﺕ
ﻟﻮﻥ ﺍﻷﺳﺮﺓ , ﺃﺭﺑﻄﺔ ﺍﻟﺸﺎﺵ ﻭﺍﻟﻘﻄﻦ
ﻗﺮﺹ ﺍﻟﻤﻨﻮﻡ , ﺃﻧﺒﻮﺑﺔ ﺍﻟﻤﺼﻞ
ﻛﻮﺏ ﺍﻟﻠﺒﻦ
ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻳﺸﻴﻊ ﺑﻘﻠﺒﻲ ﺍﻟﻮﻫﻦ
ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﺽ ﻳﺬﻛﺮﻧﻲ ﺑﺎﻟﻜﻔﻦ
ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﺇﺫﺍ ﻣﺖ
ﻳﺄﺗﻲ ﺍﻟﻤﻌﺰﻭﻥ ﻣﺘﺸﺤﻴﻦ ﺑﺸﺎﺭﺍﺕ ﻟﻮﻥ ﺍﻟﺤﺪﺍﺩ
ﻫﻞ ﻷﻥ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ
ﻫﻮ ﻟﻮﻥ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ
ﻟﻮﻥ ﺍﻟﺘﻤﻴﻤﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺰﻣﻦ
ﺑﻴﻦ ﻟﻮﻧﻴﻦ ﺍﺳﺘﻘﺒﻞ ﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻭﻥ ﺳﺮﻳﺮﻱ ﻗﺒﺮﺍ
ﻳﺮﻭﻥ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺩﻫﺮﺍ
ﻭﺃﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻟﻮﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ
ﻟﻮﻥ ﺗﺮﺍﺏ ﺍﻟﻮﻃﻦ
ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ ﺷﺎﻋﺮ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﻬﻤﺸﻴﻦ ﻓﻲ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ , ﺇﻧﻪ ﺍﻷﻳﻘﻮﻧﺔ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﻓﻘﺪ ﺑﺮﺍﺀﺓ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ
ﻭﺭﻛﺾ ﺧﻠﻒ ﺍﻟﺴﺮﺍﺏ .. ﺃﻣﻞ ﺩﻧﻘﻞ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ
ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻏﺎﺏ ﻋﻨّﺎ ﻣﻨﺬ 33 ﻋﺎﻣﺎً ﺗﺎﺭﻛﺎً ﻟﻨﺎ " ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ
ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺯﺭﻗﺎﺀ ﺍﻟﻴﻤﺎﻣﺔ ","ﺗﻌﻠﻴﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ
ﺣﺪﺙ "," ﻣﻘﺘﻞ ﺍﻟﻘﻤﺮ ","ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻵﺗﻲ ","ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻋﻦ
ﺣﺮﺏ ﺍﻟﺒﺴﻮﺱ ","ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ "8 ﻭﻫﻲ ﺁﺧﺮ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ
ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻣﺼﺎﺭﻋﺎ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺑﺎﻷﻣﻞ ﻭﺍﻟﺼﻤﻮﺩ

ولتوضيح اكثر
ﺻﺪﺭﺕ ﻟﻪ ﺳﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻫﻲ :
ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺯﺭﻗﺎﺀ ﺍﻟﻴﻤﺎﻣﺔ - ﺑﻴﺮﻭﺕ .1969
ﺗﻌﻠﻴﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ - ﺑﻴﺮﻭﺕ .1971
ﻣﻘﺘﻞ ﺍﻟﻘﻤﺮ - ﺑﻴﺮﻭﺕ .1974
ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻵﺗﻲ - ﺑﻴﺮﻭﺕ .1975
ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻋﻦ ﺣﺮﺏ ﺑﺴﻮﺱ - ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ .1983
ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ 8 - ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ .1983

منقول من مكتبة البردوني الجمهورية اليمنية
قسم كبار الشعراء العرب

بقلم الشاعرهلال معصار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون