قصة قصيرة
ترويض
فى وضح النهار يجر رجل متجهم الوجه كلابا شرسة ، إلى ساحة الميدان، تختلف جنسيتها، وألوانها، وحجمها أحدها كلب أبيض ألماني، والثاني أسود " بلاك أمريكي، والثالث، روك انجليزي.
يقف بهم فى منتصف الطريق مداعباً، يلتف حوله رجال ماكرون، يفزع المارة من منظرها المخيف، يملأ الرعب عيونهم.
يروضها، تستجيب لصاحبها، تقفز إلي أعلى حينا، تنام على جنبها حينا .
لحظات قلائل يرخي الأطواق الحديدية عن رقابها، يبتسم ابتسامة عريضة للواقفين، والمارين تنم عن مكر شديد معجبا بنفسه.، يداعبها بحركات من يديه.
يقطب جبينه لمن يحاول أن يعبث معها، يغمزها، يعلو نباحها ،تقفز تجاهه فيجرى مسرعا.
يتأمل شاب وسيم القسمات صمت وذهول الناس الواقفين التي تتفرج على حركاتها ورضا مروضها ، يتأملون الكلاب، وهى تلتهم بأنيابها الحادة قطع اللحم المشوي التي يقدمها لها،
يندب حظه، وحظهم، يبحث في بحور عيونهم عما يسمى بحقوق الإنسان، التى جردتهم من ثوب الكرامة. يرى ملامح البؤس ارتسمت على وجوههم.
تتأزم نفسه لما يرى، تظهر على جبينه عبسة تنم عن حزن عميق، وضيق من الحياة، تذهب نفسه حسرات على حالهم وحاله، هو يبحث عن عمل يكفله ، يتذكر أنه منذ أيام تحلل من رباطه العاطفي حتى لا تنتظر محبوبته وهما أو سرابا.
يمزق الجوع أحشاء أحد الصبية البائسين في الميدان، يمرق بين هؤلاء الرجال، يهجم على قطع اللحم لا يبالى أنيابها ، ولا يخشى طغيان ولا جبروت المروض.. تنهش الكلاب جسده، وتعضه فى وجهه، وجسده، يعلو صراخه وآلامه. يتردد في الفضاء الرحيب أنشودة الخلاص.
، يغلى الدم في عروقه، لما رأى الشاب دماء الصبي تسيل على الأرض. تبدو عيناه كشعلتين من الجمر، تتأجج نارهما فى براح وجهه الغاضب، تثيران فيه حمية كان قد نسيها، ، فهجم غير آبه بوحشية الكلاب، ولا صاحبها ولا من معهم.. يمرق صفوف الواقفين ،يتجه نحو الكلب، يركله بقدميه بكل ما أوتى من قوة في بطنه ووجهه، حتى استطاع أن يخلِّص الصبي.
يسقط الكلب ميتا.. يهيج المروِّض مطالباً بحقه، ويمسك هو ومن معه بتلابيب الشاب، أخذوا ينهالون عليه بالضرب والسباب، تتحرك نخوة البائسين، يثيرون،يخلصون الشاب من بطشهم.
يهجمون على الرجل، وكلابه، يفر من معه بعيدا .. يتقدم الشاب كالمارد رغم تعبه، وآناته نحو الرجل، ويلطمه لطمة قوية تسقطه أرضاً، وتسقط السلاسل من قبضته.
تفلت الكلاب، لم تستطع الصمود أمام غضبتهم ، تجرى بعيدا عن عيونهم، تعبر بأقدامها على جسد مروضها الملقى على الأرض.يعلو نباحها، تعلو آهات أوجاع البائسين، والمحرومين،.
رأفت عزمي ـ أسيوط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق