مأزقٌ (قصةٌ قصيرةٌ)
****************
طابَ لي المقامُ؛ آمنًا من الثأرِ، ربحْتُ أموالًا طائلةً؛ لِخبرتِي؛ في صيانةِ الحاسباتِ؛ والهواتفِ المحمولةِ، فجأةً؛ اندلعَتِ الفتنُ، وأصبَحْنا نحنُ المغتربينَ؛ من أجلِ لُقمةِ العيشِ؛ هدفًا لِلنَّاقمِينَ مِن المواطنِينَ، سُرعةُ إيقاعِ الأحداثِ؛ لم تدعْ أمامِي فرصةً؛ لِتجميعِ مُدخراتِي المتناثرَةِ.
لملمْتُ ما خفَّ حملُهُ؛ وغلا ثمنُهُ، ويممْتُ شطرَ الحدودِ، حشرْتُ نفسِي؛ في سيارةِ لِنقلِ البضائعِ، بعدَ أنْ نقدتُ السائقَ مبلغًا مُغريًا، في أولِ كمينٍ؛ سلمنِي السائقُ لِلشرطةِ. بعدَ يوميْنِ من التوقيفِ والاستجوابِ؛ حملونِي وأشباهِي؛ ورمُونا كالنفاياتِ؛ عبْرَ الحدودِ؛ بعدَ أنْ سلبُونا كلَّ م
ا نملكُ. قبَّلْتُ ترابَ بلدِي، وحمِدتُ اللهَ على النجاةِ بِجلدِي، استوقفْنا سيارةً؛ قطعَتْ بنا ساعةً، ثُم اعتذرَ السائقُ، لأنَّهُ سيتوغلُ في طريقٍ فرعِيٍّ، نحوَ مقرِّ عملِهِ في الصَّحراءِ. كنتُ في حالةٍ يُرثَى لَها؛ من شِدَّةِ التَّعبِ؛ وقلةِ النومِ؛ ورثاثةِ المظهرِ. وقفْنا على الطريقِ الوحيدِ المعبَّدِ؛ قبيلَ المغربِ؛ وتفرقْنا لِقضاءِ الحاجةِ؛ وعندَما عدتُ لِلطريقِ؛ وجدتُني وحيدًا... في الظلامِ الدامسِ؛ رحْتُ أخبطُ على غيرِ هدىً، لفتْتْ أنظارِي أنوارٌ باهتةٌ؛ على البُعد. غذَّيْتُ السيرَ ساعةً، وإذا بِي قد درْتُ دورةً كاملةً، وعُدتُ إلى نقطةِ البدايةِ؛ على الأسفلتِ. كدتُ أتميزُ من الغيظِ، وأنا أرتجفُ من البردِ؛ والخوفِ؛ متوجِّسًا مِن أيِّ صوتٍ. أفقْتُ على صوتٍ؛ يأمرُني بِالتوقفِ؛ في حزمٍ؛ مُهدِّدًا بِإطلاقِ النارِ، كنتُ كمَن سعَى لِحتفِهِ بِظلفِهِ؛ حين اخترقْتُ؛ دونَ قصدٍ؛ حرمَ كتيبةٍ عسكريةٍ، عبثًا؛ حاولْتُ الشرحَ؛ لِلجندِيِّ الذي أصرَّ على تفتيشِي؛ والتحفظِ عليَّ حتَّى الصباحِ. لِحُسنِ حظِّي؛ كانَتْ نوبتُهُ قد انتهَتْ، فسلمَنِي إلى آخرَ؛ أقلَّ صرامةٍ.. استبشرْتُ بِحارسِي الجديدِ، وتجاذبْتُ معَهُ أطرافَ الحديثِ، وعرفْتُهُ بِظروفِي، فرقَّ لِي قلبُهُ، وأحضرَ لِي طعامًا وشرابًا، وسألَنِي عن بلدتِي ..طالَ الحديثُ بينَنا، وهو يلِحُّ في استقصاءِ أدقِّ التفاصيلِ..فوجئْتُ أنَّهُ من نفسِ البلدةِ، ومن عائلةٍ؛ بينَها وبين عائلتِي؛ ثأرٌ قديمٌ. حينَ أيقنْتُ بِالهلاكِ، رأيتُهُ يبتسمُ؛ ويشيرُ إلى الطريقِ؛ الذي بدَتْ ملامحُهُ؛ معَ انبلاجِ الفجرِ؛ ويقولُ:
_أمامَك خمسُ دقائقَ؛ قبلَ أنْ أطلِقَ عليْك النارَ!
أحمد عبد السلام_مصر
****************
طابَ لي المقامُ؛ آمنًا من الثأرِ، ربحْتُ أموالًا طائلةً؛ لِخبرتِي؛ في صيانةِ الحاسباتِ؛ والهواتفِ المحمولةِ، فجأةً؛ اندلعَتِ الفتنُ، وأصبَحْنا نحنُ المغتربينَ؛ من أجلِ لُقمةِ العيشِ؛ هدفًا لِلنَّاقمِينَ مِن المواطنِينَ، سُرعةُ إيقاعِ الأحداثِ؛ لم تدعْ أمامِي فرصةً؛ لِتجميعِ مُدخراتِي المتناثرَةِ.
لملمْتُ ما خفَّ حملُهُ؛ وغلا ثمنُهُ، ويممْتُ شطرَ الحدودِ، حشرْتُ نفسِي؛ في سيارةِ لِنقلِ البضائعِ، بعدَ أنْ نقدتُ السائقَ مبلغًا مُغريًا، في أولِ كمينٍ؛ سلمنِي السائقُ لِلشرطةِ. بعدَ يوميْنِ من التوقيفِ والاستجوابِ؛ حملونِي وأشباهِي؛ ورمُونا كالنفاياتِ؛ عبْرَ الحدودِ؛ بعدَ أنْ سلبُونا كلَّ م
ا نملكُ. قبَّلْتُ ترابَ بلدِي، وحمِدتُ اللهَ على النجاةِ بِجلدِي، استوقفْنا سيارةً؛ قطعَتْ بنا ساعةً، ثُم اعتذرَ السائقُ، لأنَّهُ سيتوغلُ في طريقٍ فرعِيٍّ، نحوَ مقرِّ عملِهِ في الصَّحراءِ. كنتُ في حالةٍ يُرثَى لَها؛ من شِدَّةِ التَّعبِ؛ وقلةِ النومِ؛ ورثاثةِ المظهرِ. وقفْنا على الطريقِ الوحيدِ المعبَّدِ؛ قبيلَ المغربِ؛ وتفرقْنا لِقضاءِ الحاجةِ؛ وعندَما عدتُ لِلطريقِ؛ وجدتُني وحيدًا... في الظلامِ الدامسِ؛ رحْتُ أخبطُ على غيرِ هدىً، لفتْتْ أنظارِي أنوارٌ باهتةٌ؛ على البُعد. غذَّيْتُ السيرَ ساعةً، وإذا بِي قد درْتُ دورةً كاملةً، وعُدتُ إلى نقطةِ البدايةِ؛ على الأسفلتِ. كدتُ أتميزُ من الغيظِ، وأنا أرتجفُ من البردِ؛ والخوفِ؛ متوجِّسًا مِن أيِّ صوتٍ. أفقْتُ على صوتٍ؛ يأمرُني بِالتوقفِ؛ في حزمٍ؛ مُهدِّدًا بِإطلاقِ النارِ، كنتُ كمَن سعَى لِحتفِهِ بِظلفِهِ؛ حين اخترقْتُ؛ دونَ قصدٍ؛ حرمَ كتيبةٍ عسكريةٍ، عبثًا؛ حاولْتُ الشرحَ؛ لِلجندِيِّ الذي أصرَّ على تفتيشِي؛ والتحفظِ عليَّ حتَّى الصباحِ. لِحُسنِ حظِّي؛ كانَتْ نوبتُهُ قد انتهَتْ، فسلمَنِي إلى آخرَ؛ أقلَّ صرامةٍ.. استبشرْتُ بِحارسِي الجديدِ، وتجاذبْتُ معَهُ أطرافَ الحديثِ، وعرفْتُهُ بِظروفِي، فرقَّ لِي قلبُهُ، وأحضرَ لِي طعامًا وشرابًا، وسألَنِي عن بلدتِي ..طالَ الحديثُ بينَنا، وهو يلِحُّ في استقصاءِ أدقِّ التفاصيلِ..فوجئْتُ أنَّهُ من نفسِ البلدةِ، ومن عائلةٍ؛ بينَها وبين عائلتِي؛ ثأرٌ قديمٌ. حينَ أيقنْتُ بِالهلاكِ، رأيتُهُ يبتسمُ؛ ويشيرُ إلى الطريقِ؛ الذي بدَتْ ملامحُهُ؛ معَ انبلاجِ الفجرِ؛ ويقولُ:
_أمامَك خمسُ دقائقَ؛ قبلَ أنْ أطلِقَ عليْك النارَ!
أحمد عبد السلام_مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق