الحمد لله الذي اخترع الأشياء بلطيف قدرته، وبديع صنعته، فأحسن فيما اخترع، وأبدع الموجودات على غير مثال، فلا شريك له فيما ابتدع، ألف بين اللطيف والكثيف من أعداد آحاد الجوهر وجمع، ليقرّ له بالوحدانية، ويستدلّ على وجود الصانع بما صنع، فالعارفون واقفون تحت مطارف اللطائف بأقبية أبينة التوبة والورع، ليس لقلوبهم مجال في ميدان الكبرياء على أن حماه رحب متسع، فهم إن مالوا إلى نيل مطلوبهم، ردّهم قهر الهيبة إلى مفاوز الخوف والجزع، وان همّوا بالذهاب عن الباب، عاقهم قيود الغيب، فعز عليهم الرجوع وامتنع .
فمنهم كاتم محبته ... قد كف شكوى لسانه وقطع
ومنهم بائح يقول إذا ... لام عذول ذر الملام ودع
أليس قلبي محل محنته ... وكيف يخفى ما فيه وهو قطع
أين المحبون والمحب لهم ... وأين من شتت الهوى وجمع
لهم عيون تبكي فوا عجبا ... لجفن صبّ إذا هما ودمع
قد حرّموا النوم والمتيم لا ... هجوعا إذا الخلي هجع
بالباب يبكون والبكاء إذا ... كان خليّا من النفاق نفع
تشفع فيهم دموعهم وإذا ... شفع دمع المتيمين شفع
فسبحان من يتوب على الجاني، ويقبل العاصي إذا تاب إليه ورجع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق