السبت، 26 ديسمبر 2015

الحب الاخوي الدائم بقلمي: رفاه زاير جونه العراق/ بغداد


  • عاطفة الاخوة التي ينادي بها دعاة الإنسانية في عصرنا,ليست ابنة اليوم فحسبُ,بل هي ابنة جميع العصور,وقد برزت إلى الوجود منذ شعر الإنسان بأنّ بينه وبين الآخرين اشتراكًا في فكرة أو عاطفة أو منفعة,وبأنهم يشبهونه رغبات واحتياجات وميولاً. عاطفة الأُخوَّة لا تكون أخوَّة حقيقة إلاّ إذا خرجت من حيز الشعور إلى حيز العمل,تنفجر عذوبتها على ذرى الاجتماع,وتجري نهرًا كريمًا بين طبقات المجتمع,فتلقي بين المتناظرين سلامًا,وبين المتدينين تساهلاً,وتنقش محامد الناس على النحاس;أما العيوب فتخطّها على صفحة الماء. تساعد المحتاج ما استطاعت بلا تفريق بين الاديان والمذاهب. ترفع المسكين من بؤس الفاقة,وتنشر على الجاهل أشعة العلم والعرفان,وتفتح أبواب الرجاء لعيونٍ أظلمتها أحزان الليالي. فكم من درةٍ في أعماق البحر لم تُسَرَّ بها العيون لأن يد الغوَّاص لم تصل إليها! وكم من زهرة نوَّرت في الفقر,فتبدد عطرها جزافًا في الهواء! إنما الإخاء يزيح بيده الشفيقة الشوك عن الزهرة المتروكة,ويرفع لها جدرانًا تقيها ريح السموم الفتاك. هو العين المحبة التي ينفذ نظرها إلى أعماق النفس فترى أوجاعها,وهو الهمة العاملة لخير الجميع بثقة وسرور,لأنه القلب الرحيم الخافق مع قلب الإنسانية الواجف.حقيقة الإخوة لو كان لي ألف لسان لما عييتُ من ترديد هذه الكلمة التي تغذت بها الضمائر الحرة,وانفتحت لها قلوب المخلصين. هي أبدع كلمة وجدت في معاجم اللغات,وأعذب لفظة تحركت بها شفاه البشر. هو اللِّين والرفق والسماح,كما أنه الحِلم والحكمة والسلام. لو كان لي ألف لسان لظللت أنادي بها حتى تجبر القلوب الكسيرة,حتى تجف الدموع في العيون الباكية,حتى يصير الذليل عزيزًا,حتى يختلط موعد الصلاة بنغمات المؤذنين,فتصعد نحو الآفاق أصوات الحب الأخويّ الدائم . يجب أنْ يتألم المرء ليدرك عذوبة الحنان,يجب أنْ يحتاج إلى الآخرين ليعلم كم يحتاج غيره إليه,يجب أنْ يرى حقوقه مهضومة يُزدري بها ليفهم أنّ حقوق الغير مقدسة يجب احترامها,يجب أنْ يرى نفسه وحيدًا,ملتاعًا,دامي الجراح ليعرف نفسه أولاً ثم يعرف غيره,فيستخرج من هذا التعارف العميق معنى التعاون والتعاضد. كذلك ارتقى معنى الإخاء بارتقاء الإنسان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون