اجتمع في شخص الرسول ما تفرق في غيره، فمن جهة كان الرسول رجل رسالة دينية لا تخص قومه
لوحدهم بل تخص الناس أجمعين وفقا لما نص عليه النص القرآني، ومن جهة ثانية
كان هو رجل الدولة المدبر لتنزيل الرسالة “النص” على الواقع. ومن المعلوم
أن التجربة المحمدية مقسمة إلى مرحلتين زمنيتين. المرحلة المكية التي شكلت
البداية إذ عرف فيها أتباع الرسول بالضعف مقارنة بالقوة والتمكن اللذين
كانت عليهما قبيلة قريش ومن معها. والمرحلة المدنية أي ما بعد الهجرة إلى
المدينة التي حصل بعدها التمكن للرسول وأتباعه بظهور دعوة الرسالة التي جاء
بها محمد على كل الأديان والمعتقدات. والمتمعن في نصوص القرآن التي نزلت
في مكة سيجدها تتمحور حول بسط منظومة التوحيد والأخلاق والقيم بقالب حجاجي
وعقلاني، بينما طغى على النصوص القرآنية التي نزلت بالمدينة طابع التشريع
ومحاورة أهل الكتاب، وننبه هنا إلى أن نصوص القرآن لحظة نزولها كانت موجهة
لشخص الرسول الذي اجتمع فيه رجل الدين والدولة في الكثير من الوقائع
والأحداث، إلى درجة معاتبته أحيانا ومعاتبة من معه في الكثير من القضايا
التي كان له فيها موقف معين.
ونأخذ على سبيل المثال اختلاف أصحاب الرسول حول أسرى بدر بعد مشورة الرسول حول مصيرهم[1]. إذ كان رأي أبي بكر أن يأخذوا الفدية منهم بينما رأى عمر قتلهم بدل طلب فديتهم بالمال. لكن القرآن كان له رأي مخالف يتجلى في عدم السماح للرسول بأن يكون له أسرى بعد الحرب، ونزلت الآية معاتبة للرسول ومن حوله بقوله تعالى: “مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68)” (سورة الأنفال)
فهذه الواقعة واقعة سياسية بامتياز وأخلاقية في الوقت ذاته. فالمصلحة السياسية تقتضي طلب الفدية من أهل الأسرى بعد المعركة، وحتى المصلحة الاقتصادية تقتضي ذلك وفقا لرأي أبي بكر. بينما البعد القيمي والأخلاقي يقتضي الرحمة والعفو عند المقدرة عكس رأي عمر القائل بقتلهم. أما القرآن فجاء بقيمة عليا ربما غير معروفة في الواقع العربي بعد نهاية الحرب وهي معارضته لموضوع الأسرى في أصله. فالقرآن هنا يوجه الرسول إلى فلسفة جديدة للحرب والقتال غير متداولة ولا معروفة في الواقع، إذ ستتحول الحرب بعد هذا الموقف الذي نصت عليه الآية إلى وسيلة للدفاع فقط بدل أن تكون وسيلة لإكراه المعارضين والمخالفين .بعد أسرهم، وهذا الموقف فيه تحيز وإعلاء لقيمة الحرية على حساب المصلحة السياسية الظرفية، في طبيعة العلاقة التي ينبغي نسجها مع المعسكر المخالف
ونأخذ على سبيل المثال اختلاف أصحاب الرسول حول أسرى بدر بعد مشورة الرسول حول مصيرهم[1]. إذ كان رأي أبي بكر أن يأخذوا الفدية منهم بينما رأى عمر قتلهم بدل طلب فديتهم بالمال. لكن القرآن كان له رأي مخالف يتجلى في عدم السماح للرسول بأن يكون له أسرى بعد الحرب، ونزلت الآية معاتبة للرسول ومن حوله بقوله تعالى: “مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68)” (سورة الأنفال)
فهذه الواقعة واقعة سياسية بامتياز وأخلاقية في الوقت ذاته. فالمصلحة السياسية تقتضي طلب الفدية من أهل الأسرى بعد المعركة، وحتى المصلحة الاقتصادية تقتضي ذلك وفقا لرأي أبي بكر. بينما البعد القيمي والأخلاقي يقتضي الرحمة والعفو عند المقدرة عكس رأي عمر القائل بقتلهم. أما القرآن فجاء بقيمة عليا ربما غير معروفة في الواقع العربي بعد نهاية الحرب وهي معارضته لموضوع الأسرى في أصله. فالقرآن هنا يوجه الرسول إلى فلسفة جديدة للحرب والقتال غير متداولة ولا معروفة في الواقع، إذ ستتحول الحرب بعد هذا الموقف الذي نصت عليه الآية إلى وسيلة للدفاع فقط بدل أن تكون وسيلة لإكراه المعارضين والمخالفين .بعد أسرهم، وهذا الموقف فيه تحيز وإعلاء لقيمة الحرية على حساب المصلحة السياسية الظرفية، في طبيعة العلاقة التي ينبغي نسجها مع المعسكر المخالف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق