إستيقظت ليلى من نومها بجسد متعب وعينين مجهدتين ، والوساده التى كانت تنام عليها مبلّله تماماً من دموع ظلّت تنزل من عينيها طوال الليل حتى بعد أن إختطفها النوم وأسدل ستره عليها .
تشعر بأن جسدها كله يرتعش ، قدماها لا تقوى على حملها ،أخذت تدير عينيها فى أرجاء الغرفه ودولابها المفتوح وملابسها المتناثره حيث كانت تريد جمع ملابسها ليلة أمس وترك المنزل لولا بكاء طفليها وتعبها الشديد حين سقطت مغشيّاً عليها .تسائل نفسها كثيراً هل طال بها النوم كل هذه السنوات هل كانت تعيش على وهم الحب والإستقرار والوفاء ؟
بينما هى تعيش فى قصر فوق الماء ، بمجرد أن إصطدمت به بعض الأمواج الشديده إقتلعته وأظهرت أشياء كثيره كانت مستتره عنها ولم تظن يوماً واحداً بوجودها .
كانت دائماً تعتبر أن بيتها قلعه حصينه لا يستطيع أحد أن يدنو من أسوارها ...أو يحاول هدمها .
الى أن ساق لها الله صدفة غريبه حينما كانت تُخرج ملابس الشتاء من الدولاب وإذا بظرف مُختبىْ بين الملابس الشتويه يسقط أمامها ولا تذكر أنها قد رأت هذا الظرف من قبل .
ولم يكن من سلوكها أن تفتّش فى أشياء زوجها المغلقه ما دام لم يخبرها بنفسه ، ولكن لسبب ما وجدت نفسها تفتح الظرف والفضول يستولى عليها والحيره .... لماذا هو موجود فى هذا المكان ؟
وما الذى يحتوى عليه ؟
وماذا به من أسرار يريد زوجها أن يُخفيها عنها بعد كل تلك السنوات ؟
لم تتردد كثيراً كعادتها فى مثل هذه المواقف حيث كان هناك شىْ ما يجذبها الى فتح الظرف وتفريغ محتواه ، وبالفعل قررت وبدأت فتح الظرف وإذا بها تجد المفاجأه التى كانت تنتظرها ولم تحسب لها حساباً من قبل .
وجدت قسيمة زواج زوجها من إمرأة أخرى منذ خمس سنوات ، وشهادة ميلاد لولد ينتسب إليه وإلى زوجته الأخرى ويبلغ من العمر ثلاثة سنوات ونصف ، ودفتر توفير بإسم ذلك الصغير .
ولم تستمر أكثر من ذلك فى تفريغ الظرف ولم تتحمل مزيد من المفاجآت وما لبثت أن سقطت مغشيّاً عليها ولم تفق إلا هذا الصباح .
ولا تدرى هل هى حقاً أفاقت أم أنها لازالت فى نومة أبدية سرمدية .
متى حدث ذلك؟
وكيف حدث ذلك؟
ولماذا حدث ذلك ؟
أخذتها نوبة من الصراخ المتواصل وصارت تقذف بكل شىْ تقع عيناها عليه ، لا تعى بنفسها ،ولا تعى ما الذى يجب أن تفعله فى هذه اللحظه ؟...حاولت جمع ملابسها ولكنها لا تدرى إلى أين تذهب ؟
فقد فقدت والديها منذ سنوات وليس لها أقارب بالمدينه التى تسكن بها ،ولم تخرج من مدينتها منذ أن تزوجت بها منذ 13 سنه ،لا تعرف أحداً ، وليس لها صديقات .
كانت كل حياتها هى أسرتها وزوجها ,لم تُقصّر يوماً ناحية زوجها ولا ناحية طفليها ,بل كانت الزوجه المخلصه دئماً ....والأم الحنونه دائماً .
كانت مشاعر الجرح والمهانه تسيطر عليها وتُشعرها أن كرامتها ضاعت فى لحظة أن علمت بذلك السر الدفين الذى كان يُخفيه عنها زوجها .
بأى شكل سيواجهها ؟
وبأى كلام سيدافع عن نفسه أمامها ؟
كانت كلما حاول الطفلان الصغيران تهدئتها بعض الشىْ ببكاءهما حيناً وبأحضانهما الدافئه حيناً آخر إشتعلت بصدرها النيران مره أخرى وصارت تصرخ وتصرخ وتقذف بكل شىْ أمامها , حتى المرآه لم تسلم من غضبها , وكانت النتيجه أن جرحت ذراعها واندفع الدم يسيل منها وكأنه يشاركها الغضب والإنفعال وهى غير واعيه بنفسها والطفلان يبكيان ولا يستطيعا إفاقتها من تلك النوبه التى لازمتها .
وظلّت هى تصرخ وتقذف كل شىْ أمامها كلما هاجت النيران بداخلها إلى أن سمع الطفلان صوت طرقات على باب الشقه فأسرعا بفتح الباب فإذا بجارتهما تتسائل مندهشه من صراخ والدتهما .
ورأت الهلع المرسوم على وجه الصغيرين والزوجه المكلومه فى حالة هياج لا تدرك ما حولها .
فأسرعت إلى التليفون واتصلت بالإسعاف لترسل سيارة إسعاف عاجلاً حيث رأت الدم الذى
ينزف من ذراعها ولا تعلم أن الدم الذى ينزف ليس من جرح زجاج مراية غرفة النوم ولكنه جرح سنوات ظلّت فيها الزوجه المخلصه الدافئه التى تحتضن أسرتها وتعتبرها عالمها الوحيد لتفيق ذات لحظة من أجل ملابس الشتاء على مفاجأة أطاحت بكل شىْ وقذفت بها فى بئر اللاوعى واللامعقول //// تمت
بقلم / إبراهيم فهمى المحامى
13/12/2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق