الجمعة، 17 مارس 2017

قصه قصيره/ حين يختفى القمر: بقلم الشاعر ابراهيم فهمى

قصه قصيره/ حين يختفى القمر:
**************************
كنت أجلس وحدى فى ذلك المكان الذى اعتدنا أن نلتقى فيه كل لقاء.... تلك المنضدة التى شهدت جلسات طويله بيننا وأحاديث الحب والأشواق التى كانت ملتهبة قبل اللقاء وملتهبة أكثر بعد اللقاء.
 أنظر بعمق الى صفحة مياه النيل التى كانت ترتسم على وجهها ملامح حبيبتى وكأنها صارت مرآه تحمل كل ملامحها وقسمات وجهها الفاتن ونظرات عينيها الواثقتين التى كنت أراها تلمع دائماً ببريق خاص يُضفى على عينيها جمالا خاصاً وسحراً خاصاً يأخذ بتلابيب قلبى وجوارحى.
 أمامى فنجان القهوه الذى ما أن يفرغ حتى يأتى لى النادل بفنجان آخر ويظل أمامى حتى يبرد وأنا شارد أنظر الى مياه النهر وكأننى أراها أمامى فى مرآه.
 كنت أتذكر الوردة الحمراء التى كانت معها فى آخر لقاء بيننا والتى أهديتها لها بنفسى وكانت سعيده جداً بها لدرجة أنها كانت تلامس بها وجنتيها وشفتيها وكأنها تطبع على تلك الوجنات الخجلى قبولات الشوق والحنين التى أعجز حتى عن تحقيقها بسبب خجلى الشديد.
كانت حين تأتى لى أظل ناظراً الى مشيتها أتأمل ذلك الثبات والثقه بالنفس الذان يغلبان على تلك الخطوات الأنثويه المحترمه.
 وما أن تلمح هى نظراتى تلك حتى يغزو وجهها كله حُمرة الخجل وترتبك خطواتها وأشعر أن دقات قلبها مطارق من حديد يسمعها القاصى والدانى.
كنت أرى فيها صوره لمهرة خرجت من الصحراء تحمل كل ملامح أميرات الزمن الماضى ...
ذات أنفة وكبرياء.
تواجه بثباتها كل من يحاول خلع رداء الثبات وقوة الشخصيه الذان يلازمانها منذ أن عرفتها ...
كانت نظراتها كلها ذكاء وفطره.
صمتها لم يكن من ذلك الصمت الأجوف الذى يخلو من معنى أو مضمون.
بل كانت بصمتها تصدر كلمات ذات دلاله ..... وعبارات ذات مضمون.
تفرض على من يحاورها الارتباك والتضاؤل.
كنت أرى فيها صورة حسّيه لأفضل ما تكون عليه حواء.
 كان شعرها المنسدل الذى هو أقرب الى اللون النحاسى ينزل حول وجهها وكأنه يحتضنه فى رقة وأنوثه وكأنه يحتضن وجه البدر فى تمامه.
 كنت أرى حين تنزل عليها بعض خيوط الشمس الراحله وقت الغروب وكأنها كاميرات السينما حين يسلطونها على احدى نجمات هوليوود فى مشهد رومانسى ساخن.
كان الضياء المنبعث من وجهها يُضفى عليه سحراً خاصاً.
كنت أنتظر الكلمات التى تتدحرج من ثغرها كأرض عطشى تنتظر الماء الذى يهب لها الحياة من جديد.
 كانت حين تقول لى بعض كلمات الحب الضنينه بها من فرط خجلها أشعر أننى أطير فوق السحاب وأننى أحلق كعصفور حر فوق بساتين الدنيا بأثرها .
كانت تعرف كثيراً عن عالمى وكنت أعرف كثيراً عن عالمها.
 لكننا قرّرنا أن نطوى كل صفحات الماضى فلا نتذكر الا الزمن الجميل الذى وضعنا معاً فى طريق واحد وفرض على قلبينا عشقاً لم تعرفه قلوب البشر من قبل.
 كانت لقاءاتنا كلها قصيره وكنا نكره فيها الوقت الذى ينفلت منا بسرعه كبيره... وكنا نكره جداً لحظة الوداع التى كانت بمثابة لحظة الموت التى تُفرض علينا حتى يجمعنا لقاء آخر.
 وحين ينصرف كل منا الى عالمه نجد أنفسنا محاصرين بذكريات اللقاء نسترجع كل كلمه وكل ايماءه وكل فعل حدث بيننا ونعيشه مرات ومرات بخيالنا.
لكننا بعد لقاءنا الأخير انقطعت عنى فجأه أخبارها وأغلقت تليفونها وبتّ صريع الأفكار والظنون وجمرات الشوق والحنين.
لا أعلم ماذا حدث؟
ولا أعلم لماذا قررت فجأه الاختفاء عنى؟
تنتابنى نوبات القلق أحياناً ... وأنّات قلبى المشتاق أحياناً أخرى.
 فما عاد لى غير هذا المكان الذى كان يجمع بيننا أزوره كل يوم وأمضى فيه وقتاً ليس بالقليل شاخصاً النظر الى صفحة مياه النهر .
أتلفّت بين الحينة والأخرى الى مدخل الكازينو راغباً أن أراها تدخل بخطواتها الثابته ونظراتها الواثقه وتشرح لى سر اختفاءها.
 لكن انتظارى يطول يوماً بعد يوم وهى لازالت غائبه عنى بجسدها حاضرة معى بطيفها الذى يلازمنى كل لحظة وكأنها تقول لى أنا معك وسأظل معك مهما باعدت بيننا دروب الحياه.
بقلم/ ابراهيم فهمى المحامى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون