كيف نَستقبِل رمضان ؟(3)
بقلم / محمد سعيد أبوالنصر
جاء رمضان فبأي شيء نستقبله وبأي عدة نجهز أنفسنا للقائه؟ وخاصة أنه ينبغي للمسلم ألَّا يفرط في هذا الشهر المبارك، وأن يكون من السابقين إليه ومن المتنافسين فيه، قال الله تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)} سورة المطففين ،الآية :26]. ، "و يحسن بنا نحن المسلمين أن نستعد لاستقباله خير استقبال . . فالمسافر يستعد لسفره ، والموظف يستعد بالدورات التدريبية لوظيفته كلما ازدادت أهميته الوظيفية , والشياطين تستعد لهذا الشهر بالوسوسة للناس - قبل أن تصفد فيه - بأنواع الملاهي كالأفلام والألعاب الفارغة ، ونحن المسلمين ينبغي علينا أن نستعد له أفضل استعداد ، فما أسعد من استفاد من رمضان من أول يوم ومن أول لحظة . . .
فما هي الطرق السليمة لاستقبال هذا الشهر العظيم الذي تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار، وتكبل فيه الشياطين؟ ما الذي يجب علينا معشر المسلمين في كل مكان أن نفعله في استقبال هذا الشهر المبارك ؟
1-الدعاء
نَدْعُو الله أن يبلغنا هذا الشهر الكريم كما كان السلف يفعلون ذلك فقد كانوا يدعون الله أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه حتى يتقبل منهم. . . علينا أن ندعوَ الله أن يعيننا على أن نحسن استقبال الشهر وأن نحسن العمل فيه وأن يتقبل الله منا الأعمال في ذلك الشهر الكريم .. والدعاء كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدعاء هو العبادة . ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان لا يفتر عن الدُّعاء، وخصوصًا عند مواسم الخير، فقد روي عن أنس رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب قال: ((اللَّهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلِّغنا رمضان)) وهكذا كان فِعل الخلفاء من بعده، فقد روي أن عليًّا رضي الله عنه كان لا يستشرف لهلالٍ إلاَّ لهلال رمضان، وكان إذا نظر إليه قال: "اللهمَّ أدخله علينا بالسلامة والإسلام، والصحَّة من الأسقام، والفراغ من الأشغال، ورضِّنا فيه باليسير من النوم".
وكان السلف الصالح يدعون الله أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه أن يتقبله منهم. قال عبدالعزيز بن مروان: كان المسلمون يقولون عند حضرة شهر رمضان: اللهمَّ قد أظلَّ شهر رمضان، فسلِّمه لنا وسلِّمنا له، وارزقنا صيامَه وقيامَه، وارزقنا فيه الجدَّ والاجتهاد، والقوَّة والنشاط، وأعِذنا فيه من الفِتَن، ووفِّقنا فيه لليلة القدر، واجعلها لنا خيرًا من ألف شهر، وكانوا يجتهدون في إحراز حظوظِهم من خَيره وبركته، ويتقرَّبون إلى الله بموجبات رحمته ومغفرته"؛ و"قال بعض علماء السلَف رحمهم الله: ينبغي للناس إذا دنا رمضان أن يفرحوا ويستبشِروا بدنوِّه، ويدعوا اللهَ تعالى ويسألوه أن يبلِّغهم إيَّاه، ويوفِّقهم لصيام أيامه وقيام لياليه، ويجنِّبهم فيه الفسوق والعصيان ويوطِّنوا نفوسَهم أن يتشمَّروا لأداء حقِّه، وأن يتراءوا هلالَه ليلة الثلاثين من شعبان، فِعل من يستعجل لقدوم غائبٍ كريم، ويقولون ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول عند رؤية الهلال: ((اللهمَّ أَهِلَّه علينا باليمن والإيمان والإسلام، ربِّي وربك الله)) ، وروي أنه كان يقول: ((الله أكبر))، ثمَّ يدعو، وفي رواية: ((أسأل اللهَ التوفيقَ لما يحب ويرضى))"
2-الحمد والشكر على بلوغه، قال النووي رحمه الله في كتاب الأذكار: "اعلم أنه يستحب لمن تجددت له نعمة ظاهرة، أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة أن يسجد شكرا لله - تعالى - أو يثني بما هو أهله" فكم من رجل كان يصلى بجانبك في القيام العام الماضي وهو الآن يرقد في التراب ينتظر دعوة صالحة ولو قيل له تمنى لقال ساعة من رمضان فكن أنت هو،
3- الفرح والابتهاج، والسعادة بقدوم شهر الصوم والإحسان فعلينا أن نهنئ أنفسنا بأن مد الله في أجالنا لصيام هذا الشهر المبارك في هذا العام الهجري (1438) فكم من إنسان مسلم "كان يتمنى أن يدركه لينال فضائله، لكنَّ يد المنون اختطفته، وعاجلته المنية وإلى الدار الآخرة نقلته، فخذ العبرة واغتنم الفرصة قبل فوات الأوان، فلا ينفع مال ولا جاه ولا أهل ولا ولدان، وخذ بوصايا سيد الأنام ولقد ثبت عن رسول الله أنه كان يبشر أصحابه بمجيء شهر رمضان فيقول: جاءكم شهر رمضان، شهر رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب الجحيم.." وقد كان السلف الصالح من صحابة رسول الله والتابعين لهم بإحسان يهتمون بشهر رمضان، ويفرحون بقدومه، وأي فرح أعظم من الإخبار بقرب رمضان موسم الخيرات، وتنزل الرحمات.
وتخيل ضيفا عزيزا عليك لم تره منذ سنة وجاء إليك فماذا أنت فاعل له فرمضان جاء فأين الترحيب به بالعمل الصالح والأعمال الطيبة .
4-عقد العزم الصادق على اغتنامه وعمارة أوقاته بالأعمال الصالحة، فمن صدق الله صدقه وأعانه على الطاعة ويسر له سبل الخير، قال الله تعالى: {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21)} [محمد: 21]. فالصحابي الذي بايع النبي على أن يضرب بسهم من هنا فيخرج من هنا فصدق الله فصدقه.. فكن صادقا مع الله. واعقد النية من هذه اللحظة على استغلالِ هذا الشهر الفضيل بالصيام والقيام وقراءة القرآن وسائر القربات، لا بالشرب والأكل واللَّهو، والإقلاع عن سائر المعاصي والسيئات. يقول الإمام ابن رجب الحنبلي: "بلوغ شهر رمضان وصيامُه نِعْمة عظيمة على من أَقدره الله عليه، فمَن رُحم في رمضان فهو المرحوم، ومن حُرم خيرَه فهو المحروم، ومن لم يتزوَّد لمعاده فيه فهو مَلوم.
أتى رمضانُ مزرعة العباد
لتطهيرِ القلوبِ من الفسادِ
فأدِّ حقوقَه قولاً وفِعلاً
وزادَك فاتَّخِذهُ للمعادِ
فمن زَرَع الحبوبَ وما سقاها
تأوَّه نادِمًا يومَ الحصادِ
يا من طالَت غيبتُه عنَّا قد قربَت أيام المُصالَحة، يا من دامَت خسارتُه قد أقبلَت أيام التجارة الرابحة، من لم يربح في هذا الشهر ففِي أيِّ وقتٍ يَرْبح؟ من لم يقرب فيه مِن مولاه فهو على بُعده لا يَبْرح، كم ينادى: حيَّ على الفلاح وأنت خاسِر؟ كم تُدعى إلى الصَّلاح وأنت على الفساد مثابر؟
باع الحسَن بن صالح جاريةً له، فلما انتصف الليل قامَت فنادَتهم: يا أهل الدار، الصلاةَ الصلاة، قالوا: طلع الفجر؟ قالت: أنتم لا تصلُّون إلاَّ المكتوبة، ثمَّ جاءَت الحسن، فقالت: بِعتني على قوم سوءٍ لا يصلُّون إلاَّ المكتوبة، ردَّني، ردَّني.
وباع قومٌ من السلَف جارية، فلمَّا قرب شهر رمضان رأَتهم يتأهَّبون له ويستعدون بالأطعمة وغيرها، فسألَتْهم، فقالوا: نتهيَّأ لصيام رمضان، فقالت: وأنتم لا تصومون إلاَّ رمضان؟! لقد كنتُ عند قومٍ كلُّ زمانهم رمضان، ردُّوني عليهم؛ "
5-العلم والفقه بأحكام رمضان، فيجب على المؤمن أن يعبد الله على علم، ولا يعذر بجهل الفرائض التي فرضها الله على العباد، ومن ذلك صوم رمضان فينبغي للمسلم أن يتعلم مسائل الصوم وأحكامه قبل مجيئه، ليكون صومه صحيحاً مقبولاً عند الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)} [النحل: 43] ولا تنس أن الناس على ثلاثة أصناف عالم ومتعلم وهالك.. فأنت من أي صنف.
6- علينا أن نستقبله بالعزم على ترك الآثام والسيئات والتوبة الصادقة من جميع الذنوب، والإقلاع عنها وعدم العودة إليها، فهو شهر التوبة فمن لم يتب فيه فمتى يتوب؟! قال الله تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].
7-نستقبل رمضان بفتح صفحة بيضاء مشرقة مع: الله سبحانه وتعالى بالتوبة الصادقة قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)} [البقرة: 222] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إني لأتوب في اليوم سبعين مرة"، والله سبحانه قد أمرنا بالتوبة، فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [التحريم: 8]، وقال: ﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 17]، ووعدَ بالقبول عليها، فقال: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ﴾ [الشورى: 25].
وفتَح لعباده أبوابَ الرجاء في عَفْوه ومغفرتِه، وأمرهم أن يَلْجؤوا إلى ساحات كرَمِه وجودِه، طالبين تكفير السيئات، وسترَ العورات، وقبول توبتهم، لا يطردهم من رحمة الله طارِد، ولا يوصَد بينهم وبين الله بابٌ، قال تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].
فمَن تاب واستغفرَ تاب الله عليه؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 135].
وعن الأَغَرِّ - أَغَر مُزَينة - قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنَّه لَيُغانُ على قلبي، حتى أستغفِر اللهَ مائة مرَّة))
وروي عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن قال حين يَأوي إلى فِراشه: أستغفر اللهَ الذي لا إله إلاَّ هو الحيَّ القيُّومَ وأتوب إليه - ثلاثَ مرات - غَفر الله له ذُنوبه، وإن كانت مثل زبد البحر، وإن كانت مثل رملِ عالجٍ، وإن كانت مثل عددِ ورَق الشَّجَر "
أخي الحبيب كفاك مَعاصِي وذنوب...و تُبْ إلى الله وابتعد عن عقوق الوالدين، والنظر للنساء المتبرجات؟ وإياك وإهمال الزوجة...حتى تدخل رمضان بجوارح طاهرة تستطيع أنْ تنطلق بها إلى الفردوس الأعلى بإذن الله، قال تعالى: ﴿ إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَأنْ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ﴾ [الفرقان 70]. وما أجمل ما قاله ابن رجب في لطائف المعارف وهو يدعوا الناس الى العودة الى الله يقول : كم ممَّن أمَّل أن يصوم هذا الشهر، فخانَه أملُه فصار قبله إلى ظلمة القبرِ! كم من مستقبِل يومًا لا يستكمله، ومؤمِّل غدًا لا يدركه! إنَّكم لو أبصرتم الأجلَ ومسيره، لأبغضتم الأملَ وغرورَه.
فبادر إلى التوبة والاستغفار والرجوع إلى الله قبل رمضان وفي رمضان وبعد رمضان، قبل أن يفوت الأوان، وما أجمل قول القائل:
يا ذا الذي ما كفَاه الذنب في رجب
حتَّى عصى ربَّه في شهر شعبانِ
لقد أظلَّك شهرُ الصوم بعدَهما
فلا تصيِّره أيضًا شهر عصيانِ
واتل القُرَانَ وسبِّح فيه مجتهدًا
فإنَّه شهر تسبيحٍ وقرآنِ
فاحمل على جسدٍ ترجو النَّجاةَ له
فسوف تُضرَم أجسادٌ بنيرانِ
كم كنت تَعرف ممَّن صام في سَلَف
من بين أهلٍ وجيران وإخوانِ
أفناهم الموتُ واستبقاكَ بعدهُمُ
حيًّا فما أقرب القاصِي من الدَّاني
ومعجب بثِياب العيدِ يقطعها
فأصبحَت في غدٍ أثواب أكفانِ
حتى متى يعْمُر الإنسانُ مسكنَه
مصيرُ مسكنِه قبرٌ لإنسانِ
كذلك علينا أن نفتح صفحة بيضاء مع الرسول صلى الله عليه وسلم" بطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر،
وفتح صفحة بيضاء مع الوالدين والأقارب، والأرحام والزوجة والأولاد بالبر والصلة فبرَّ والديك، وصل رحمك، وصالح خصمك، وحَسِّنْ خُلقُك مع عباد الله تواضعا وصدقا وإخلاصا، حتى يكون صيامك كاملا تنال به الغفران والنجاة من النيران ودخول الجنان. ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)﴾ [الشعراء].
وفتح صفحة بيضاء مع المجتمع الذي تعيش فيه حتى تكون عبداً صالحاً ونافعًا لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ إِلْفٌ مَأْلُوفٌ، وَلَا خَيْرَ فِي مَنْ لَا يُأْلَفُ، وَخَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ»
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً ، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا ، أَوْ تُطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا ، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ ، يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ ، شَهْرًا ، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ ، مَلأَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَلْبَهُ أَمْنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى أَثْبَتَهَا لَهُ ، أَثْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدَمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الأَقْدَامُ . لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَمْرِو بن دِينَارٍ إِلا سُكَيْنُ بن سِرَاجٍ ، تَفَرَّدَ بِهِ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن قَيْسٍ
7- وضع برنامج عملِي للاستفادة من كلِّ لحظة من رمضان:
"الكثير من الناس وللأسف الشديد حتى الملتزمين بهذا الدين يخطِّطون تخطيطًا دقيقًا لأمور الدنيا، ولكنْ قليلون هم الذين يخطِّطون لأمور الآخرة، وهذا ناتِج عن عدم الإدراك لمهمَّة المؤمن في هذه الحياة، ونسيان أو تناسى أنَّ للمسلم فُرصًا كثيرة مع الله ومواعيدَ مهمَّة لتربية نفسه حتى تثبتَ على هذا الأمر، ومن أمثلة هذا التخطيط للآخرة: التخطيط لاستغلال رمضان في الطاعات والعباداتِ، فيضع المسلمُ له برنامجًا عمليًّا لاغتنام أيام وليالي رمضان في طاعة الله تعالى، مثل:
• تحديد المسجد الذي سيصلِّي فيه التراويح والتهجُّد والاعتكاف.
• تحديد الأوقات التي سيقرأ فيها القرآن. ولتحرص أيها المسلم على "اتخاذ ورد يومي من القرآن حتى لا نضعف في وسط الشهر، واتخاذ أوقات خاصة لقراءة القرآن بعد الصلوات أو قبلها أو بين المغرب والعشاء أو غيرها من الأوقات خلال رمضان وما بعده ) واحرص أن تنال ختمة كاملة .وإن استطعت أن تقرأ أكثر فذلك أفضل، قال عليه الصلاة والسلام:" الصيامُ والقرآنُ يشفعان للعبد، يقول الصيام: أَيْ رَبُّ إني منعتُه الطعامَ والشهواتِ بالنهار فَشَفِّعْنِي فيه، ويقول القرآن: منعتُه النومَ بالليل فَشَفِّعْنِي فيه، فَيُشَفَّعان".
• إن استطعت وكان في مقدورك أن تجهز إفطار الصائمين، سواء كان جماعيًّا أم فرديًّا قدر المستطاع، ولو على تمرٍ أو ماء أو غير ذلك فهذا من أفضل القربات . لقوله صلى الله عليه وسلم: " من فطر صائماً أو جهز غازياً فله مثل أجره" ، ولا تنسى الفقراء فمن أحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على قلب مسلم، ولاشك سرور تدخله على فقير بوجبة في رمضان من أحب الأعمال إلى الله تعالى. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، ولقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود بالخير من الريح المرسلة.
• حاول تجهيز المساجد من إضاءة، وسمَّاعات، وتنظيف السجَّاد، ودورة المياه.
• وضع المصاحف والكتيبات الصغيرة في المساجد.
• وضع جدوَل لزيارة الأهل والأقارب والجيران وتفقُّد أحوالِهم .
• جهز نفسك للعمرة إن كنت تستطيع ذلك فعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً " وإن كنت قد اعتمرَت قبل ذلك وعندك استِطاعة، فالأفضل أن تُخرج شخصا آخر لم يعتمِر من قبلُ ، ويكون غير مستطيع، ولك مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيئا
8- الإعداد الجيد للدعوة إلى الله فيه وخاصة الدعاة والأئمة والخطباء ومن يصلون بالناس، من خلال تحضير بعض الكلمات والتوجيهات تحضيرًا جيدًا لإلقائها في المسجد الذي تصلي فيه بالناس، وكن داعياً إلى الله على بصيرة ولا تكن ممن اتخذ الجهل سبيلا. كما قم إن استطعت بتوزيع الكتيبات والرسائل الوعظية والفقهية المتعلقة برمضان على المصلين وأهل الحي فافعل " .
9-الإخلاص لله في الصيام: قال تعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (الكهف:110)، والإخلاص روح الطاعات، ومفتاح لقبول الباقيات الصالحات، وسبب للمعونة والتوفيق، وعلى قدر النية والإخلاص والصدق مع الله "والهمة إليه وفي مرضاته تكون معونة الله لعبده وتوفيقه وإعانته".
10- مصالحة الجميع ونسيان الخصومات: قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [النور: 22]، أخرج الإمام مالك عن أبي هريرة، أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال:" تُفتح أبوابُ الجنَّة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيُغفَر لكلِّ عبدٍ مسلم لا يُشركُ بالله شيئًا، إلاَّ رجُلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيُقال: أنظِرُوا هذين حتى يَصطلحا، أنظرُوا هذين حتى يصطلِحا " وعلى المسلم أن يكون سليم الصدر مع المسلمين: وألا تكون بينه وبين أي مسلم شحناء كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لجميع خلقه إلا مشرك أو مشاحن "
12- الاهتمام بالواجبات مثل صلاة الجماعة في الفجر وغيرها حتى لا يفوتك أدنى أجر في رمضان ، ولا تكتسب من الأوزار ما يعيقك من ارتفاع درجتك . عند الله .
13-محاسبة النفس على تقصيرها في الواجبات أو التقصير في عدم ترك ما نقع فيه من الشهوات أو الشبهات؛ فعلى العبد أن يُقوم سلوكه ليكون في رمضان على درجة عالية من الإيمان؛ فالإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية؛ يزيد حتى يكون كالجبل وينقص حتى لا يبقى منه شيء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق