الخميس، 8 يونيو 2017

الحب الكبير ... قصة قصيرة للكاتب / محمود عبدالمتجلي عبدالله

القصة 17 
الحب الكبير
___________ 
لم تعرف احد غيره هو كل شى فى حياتها لا تعرف الا ما علمه لها هذا خطا وهذا صواب اذا ضحك تضحك لها الدنيا وتنير لها الحياة وتكون اسعد من فى الوجود اذا اقبل أقبلت لها الدنيا واذا غاب عاشت على امل عودته وتطهى له الطعام وتبرد له الماء تغسل له الثياب تخبز له العيش تكوى له ثيابه تنظف له داره تفرش له سريره وعند عودته تكون فى انتظاره خلف الباب لم يرها احد غيره منذ أن دخلت داره ولم ترى احد غيره ولا تريد ان ترى احد اخر تبقى فى خدمته منذ حضوره الى ان يرقد تنتظر الاشاره من يده كى تسعى لتلبيتها فى سعادة منها وفرحه تغمرها بتنفيذ اوامره لم يجبرها على شى من ذلك بل كانت تفعله وتتلذذ بخدمته وتنفيذ اشاره يده قبل ان ينطق بلسانه كان معها عطوفا وودودا يقدر حبها له كان لها الاب والزوج والاخ والصديق والابن ايضا وكانت تحبه اكثر من كل هولاء مجتمعين وأكثر من نفسها كان لها الحياة كلها احبتة إلى درجة الجنون إذا دخل البيت انحنت وقبلت قدماه ثم يداه ثم وقفت امامه الى ان يامرها فتسرع بتلييه اوامره فى بشاشه وفرح غامره كان دارها هو كل دنياه تنتقل من حجره إلى حجره ومن المطبخ الى الصاله وهكذا كان البيت هو بلدها وقريتها ودنياها انجبت له اولاد وبنات وقد زادها الاولاد حبا له ولم يشغلها الاولاد وتربيتهم عنه بل كانت تحب أولادها من اجله ومن حبه فأحبتهم لأنهم قطعه منه وتفانت فى تربيتهم وحبهم وقد املات بهم الدار وملوا عليها دنياها فكانت اسعد الناس على الاطلاق فلم تكن فى اول حياتها تتصور انها ستحيا هكذا وكانها الجنه فهى لم تتصور ان الجنه بها اطيب من هذه الحياه الجميله ولكن لم تترك الدنيا حال يدوم فدوام الحال من المحال وقد جاء يوم قلبت فى الحياه الى موت والسعاده الى شقاء والنور الى ظلام فقد مات الزوج والحبيب الذى كان سببا فى وجود كل هذه السعاده فلم تتحمل الحبيبه فقد حبيبها وتوقفت عندها الحياه وتجمدت الدماء فى عروقها وفقدت وعيها لمده ايام بعدها فاقت وهى لا تدرى ماذا حدث قلما تذكرت موته لم تتوقف الدموع من عينها وقد تجهم وجها ولم تبقى لها ملامح فقد تجمدت ملامحها فجاء من يصبرها ويقول لها اصبرى هذا امر الله فنظرت اليه فى غضب وقالت كلام لا يرضى الله “ هو ربنا مش لاقى غير زوجى لياخذه " فقدت عقلها فكانت تنظر الى السماء وتبكى حتى وصل بها الأمر ان كانت تمسك بالحجاره من الارض وترمى بها الى السماء وكانها تحارب الله وهكذا ظلت ايام وشهورا وقد بذل الاهل كل جهد فى علاجها حتى شفيت وعاد لها عقلها وظل حبها له فى صوره حبها لاولادها واذا ذكر احد اسم زوجها اغشيا عليها حتى ولو ذكر اسم مثل اسمه فى اى مكان اغشى عليها ولم تعد الى رشدها الا بعد ساعات طويلها ولم تنسها الاعوام والسنين الطويله تلك الأيام الجميلة التى عاشتها مع حبيبها ومليكها الذى ملك عليها قلبها وعقلها وحياتها حتى بعد وفاته كانت تعيش معه على ذكراه ولم تقتنع بموته فكانت تراه فى كل مكان فى دارها وعلى اريكتها التى كان يجلس عليها وعلى سريره الذى كان يرقد عليه وفى كل مكان فى البيت مازال معها كانه لم يمت.
________________________________
من مجموعة القصص القصيره
تاليف/محمود عبدالمتجلى عبد الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون