الخميس، 10 أغسطس 2017

يقين ... قصة قصيرة للكاتب / ثروت مكايد

يقين 
قصة : ثروت مكايد
قالت تبث فيه الروح : 
- لا يمكن لك أن تتراجع..
ابتسم بلا معنى، وقال يزلزل أركان أملها : 
- لا يقين ..
- وحتى تجده فلابد من يقين وقتي وإلا لم يكن من معنى للحياة .
رد ضائق الصدر : 
- وأي شيء في اللامعنى ؟
- الفراغ القاتل .
وغرقا في الصمت . لعنها في سره . وقد بدأت أزمته منذ تزوجها . هي من ألقت في نفسه بذرة الشك في مألوفه على أن من النفوس كالصخرة الصماء لا تحمل بذرة ، ولا تحفظ ماء . ود لو لم يكن تزوجها على أنه يحبها حبا لو وزع على أهل مدينة ، لسلم القمر على أهلها في الطرقات . ماءت قطة ، ففزع . ما جاء بهذه الشقية هنا ! . صرخ لا أريد هذا ..على أن صوته لم يتجاوز شفتيه غير أنه اندفع يقول كطلقة : 
- لا يمكن أن أجعلك معيارا للخطأ والصواب ..
- أنا آخذ عن الدين .
- لا أؤمن بالدين معيارا للفضيلة ..
دهشة ردت : 
- وأي معيار إن لم يكن ؟!
- أنا ..
- لكنك لا تصلح لتكون معيارا ..
- لمه ! 
- ولم لا أكون أنا ؟ 
-أنت ! 
- كما ترفضني ، أرفضك فلست أفضل مني ، وهناك من هم أذكى ، ولا يعجب الفرد بغير عقله ..
-أف لك ! ، ماذا تريدين !!
- أريد لك الخير ..
- أي خير ! 
- الخير في سيرك وفق منهج الدين .
- لكن الغرب تقدم حين ترك الدين ..
هيء هيء ، وظن أنه ألقمها حجرا ، وقالت : 
- ونحن تأخرنا حين تركنا الدين .
قال في نفسه : " من المؤكد أني كنت أفضل قبل أن أعرفك . لم أكن في حاجة إلى إلقاء حجر في مائي الراكد على أن ذلك اليوم الآخر مشكلة لو كان ..أوووه ..وحين قالت مسلم لا يؤمن باليوم الآخر ليس مسلما . . قلت : وماذا يعني هذا ؟! ، وقالت : هو من أركان الإيمان . وقلت : هل تصدقين :! . وقالت : لو لم يكن لكان العبث ، والعبث محال .أف لك من زوجة . أنا أبحث عن طريق للنفي . لو لم تكن آخرة ، أسترح على أنها ألقت ما عكر الصفو ، وتقول لا تراجع ..اللعنة على النساء . " ، وقالت تنبش قبرا داخله ، وتخرجه من ذهوله : 
- المسألة ليست في الآخرة وإنما في العمل ..
- صوتك هذا لم يعد يطربني .
- خائفة عليك أنا . 
- إذن دعيني وشأني ..
- لو ...لو ...
- لو لو ...ماذا تريدين ؟ 
- إن لم تتغير ، سنفترق .
هاجس هجس ، ونعق غراب ، وفي أذنيه بال شيطان رجيم أنها لم تعد تهواك على أنه كبغل تحدى ، وقال ملقيا السمكة والشبكة في عرض البحر : 
- لقد حولت حياتي إلى جحيم ..
- الجحيم في الآخرة ..
- لاجحيم إلا جحيمك .
- لآخر لحظة أدعو لك بالهداية ..
- وأنا أدعو عليك بالطرد من حياتي .
- وإذن ؟ 
- أنت طالق ..
- لا يحتاج الأمر إلى طلاق .
لعنها علنا ، وقال اخرجي من حياتي كما دخلت أول مرة . جرت قدميها، وفتحت عن باب رمادي كالح لأول مرة تلحظ لونه ، وكان قد جلس القرفصاء في ركن الصالة واضعا رأسه بين ركبتيه . إن كل ما يفكر فيه ألا ترى دمعه يسيل .. وغرق في شرود لم يقطعه غير مواء قطة هزيلة دخلت من الباب المفتوح .
تمت .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون