الأحد، 8 أبريل 2018

#الغول قصة قصيرة بقلمى تامر ابو طالب


قصة قصيرة بقلمى
***************
يخرج مجدى من مقر عمله متوجها إلى بيته بعد ان حصل على راتبه الشهرى وفى الطريق يشترى بعض المسلتزمات الهامة
يصل الى الحى الذى يسكن به ويقابل الجيران بوجه بشوش ترتسم عليه علامات الرضا والارتياح ويلقى عليهم التحية ثم يصعد إلى شقته بخطوات متثاقلة
يلقى السلام على زوجته التى تقابله بذات الابتسامة ويقبلها بقبلة حانية ثم تحمل عنه الاكياس التى كان يحملها
وتسأله هل حصلت على الراتب اليوم ؟
فتذهب ابتسامته عن وجهه ويرد بصوت خفيض ورأس مطأطأ
نعم واخرج من جيبه المال ثم قال لها وهذا كل ما تبقى لمصروف الشهر
فأخذته بعد ما ذهبت ابتسامتها هى الاخرى وتربت على كتفه وتقول له ان شاء الله سيطرح الله فيهم البركة
ولكن هل استبقيت بعض المال لعلاجك ؟
فرسم على وجهه ابتسامة كاذبة وقال لها نعم يا عزيزتى معى ما يكفى لشراء الدواء
تركته الزوجة لتعد وجبة الغداء
ويذهب هو ليستلقى على اريكته القديمة امام التلفاز ويمسك فى يده ثلاث ورقات فئة المائة جنيه
ويسأل نفسه ماذا سيفعل بهم ؟!
هل يشترى حقنة القلب التى يبلغ ثمن الواحدة ثلثمائة جنيه ؟
أم يشترى ادوية الضغط والسكر ؟
ولكن المبلغ لا يكفى لشرائهم معا
ثم يهتدى تفكيره إلى انه يشترى بهم شريط مسكن ينسيه الام المرض طوال الشهر ليتبقى من المبلغ خمسون جنيها يشترى بهم لبناته بعض الحلوى
ورغما عنه تتساقط الدموع من عينيه
وفى ذات اللحظة يأتى بناته الاربعة من الخارج ليدخلوا عليه وكأنهن زهرات اينعت ليلقوا عليه السلام ويقبلوه ويرتموا جميعا فى حضنه الدافىء
وتقول له اصغرهم
ابى لما تبكى ؟
فيرد الاب انا لا ابكى ولكن هناك شيئا دخل فى عينى فأردت أن اخرجه فنزلت الدموع
ثم يرسم على وجهه ابتسامة كاذبة رغما عنه ويسألهم اين كنتم ؟
فقالت اكبرهم : كنا نسأل على اسعار الكتب الدراسية يا ابى فقد بدأت الدراسة ولم نشتريها حتى الان والمعلمون لا يشرحون الا منها
فقال لها ابها وكم ثمنها ؟
فقالت له لنا نحن الاربعة بعد الخصم بمبلغ مائتان وسبعون جنيها
ففتح الاب يده التى كانت تقبض على الثلاثمائة جنيه ليعطيها لها ويقول سيتبقى معك ثلاثون جنيها اشترى بهم الحلوى لكم
ارتسمت السعادة على وجوه البنات ليقبلوا اباهم مرة اخرى الذى نسى آلامه عندما رأى السعادة على وجه بناته
جرى البنات مسرعات سعيدات ليشترين الكتب والحلوى وفى طريق العودة وهن يصعدن الدرج سمعن صراخ امهم ليدخلن البيت ويجدن اباهم قد توفاه الله
وتقع الكتب والحلوى من ايديهن على الارض ويجرين على حضن ابهم الذى اصبح باردا ويصرخن ويبكين
عد يا ابى
لا تتركنا
سنعيد الكتب والحلوى ونشترى لك الدواء
وتصرخ اصغرهم ارجوك عد يا ابى لا تتركنا وحدنا لا نريد الحلوى
وكيف يردن الحلوى بعد هذا اليوم وقد ارتبطت بطعم المر والحزن
وامهم تنظر اليهن والى زوجها الذى فارق الحياة ويزيد بكاءها وصراخها
لأنها ما نظرت اليهم الا بعين المستقبل
فرأت ام واربع بنات بلا سند
بلا حضن يحتويهم
وان راتب الزوج القليل الذى لم يكن يكفى احتياجاتهم سيصبح اقل واقل عندما يسمى معاشا لارمله وبناتها الاربع
فما رأت الا المستقبل الاسود
فتصرخ وتولول وتقول :
قتلك الغول يا زوجى الحبيب
اى وطن هذا الذى لا يشعر بمواطنيه
اى وطن هذا الذى لا يشعر بالضعفاء
ولا يشعر الا بالاقوياء
اى وطن هذا الذى للاغنياء ولا مكان فيه للفقراء
اى وطن هذا الذى يدهس على المرضى ولا يرى الا الاصحاء
اى وطن يقتل رب اسرة بعدم الاهتمام و يحرم اربع زهرات من حضن دافىء يحتويهم ويعتصرهم فى حضنه البارد الملىء بالاشواك
يا وطن لم تعد مكانا امنا ليعيش فيه البشر
فما اراك يا وطن الا غابة يحكمها الغول
تامر ابوطالب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون