الأربعاء، 19 سبتمبر 2018

حقوق الزوج على زوجته (2) .. بقلم الباحث والشاعر / محمد سعيد أبوالنصر


حُقُوقُ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ(2)
/محمد سعيد أبوالنصر 


تحدثنا في المقال الأول عن حقوق الزوج على زوجته ،وها نحن نتابع هذه الحقوق 
2- تَسْلِيمُ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا إِلَى الزَّوْجِ وَتَمْكِينُهُ مِنَ الاِسْتِمْتَاعِ بِهَا:
إِذَا اسْتَوْفَى عَقْدُ النِّكَاحِ شُرُوطَهُ وَوَقَعَ صَحِيحًا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ تَسْلِيمُ نَفْسِهَا إِلَى الزَّوْجِ وَتَمْكِينُهُ مِنَ الاِسْتِمْتَاعِ بِهَا؛ لأَِنَّهُ بِالْعَقْدِ يَسْتَحِقُّ الزَّوْجُ تَسْلِيمَ الْعِوَضِ وَهُوَ الاِسْتِمْتَاعُ بِهَا كَمَا تَسْتَحِقُّ الْمَرْأَةُ الْعِوَضَ وَهُوَ الْمَهْرُ .
3- الطاعةُ في فراشِ الزوجيةِ و تَمْكِينُ الزَّوْجِ مِنَ الاِسْتِمْتَاعِ بها :
من حقوقِ الزوجِ على زوجتهِ ومن صورِ الطاعةِ التي يجبُ على الزوجةِ المسلمةِ أن تحققَها لزوجِها إذا أمرها  زوجُها أن تأتيَه لفراشِ الزوجيةِ فعليها أن تطيعَه وبعضُ الأزواجِ يشكو من امتناعِ الزوجاتِ عن الْفِرَاشِ ، وهذا حرامٌ لا يجوز للزوجةِ المسلمةِ أن تفعَلَه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( أيما امرأة دعاها زوجها إلى فراشه فأبت؛ باتت والذي في السماء غاضب عليها حتى يرضى عنها زوجها ).
الزوجةُ المريضةُ أو المرهقةُ.
 أما إذا كانت الزوجةُ مريضةً أو مرهقةً فينبغي على الزوجِ المسلمِ أن يكونَ عادلاً منصفاً، فإذا رأى الزوجُ امرأتَه مريضةً بالفعل، فعلى الزوج أن يعذرَها ، وأن يعاملَها بالرحمةِ. والحياةُ الزوجيةُ تنبني على الحبِ والرحمةِ، فإذا ذبلتْ وردةُ الحبِ فتبقى الرحمةُ تظللُ سماءَ البيوتِ لتستمرَ الحياةُ.
 فمِنْ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ تَمْكِينُهُ مِنَ الاِسْتِمْتَاعِ، فَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَكَانَتْ أَهْلاً لِلْجِمَاعِ وَجَبَ تَسْلِيمُ نَفْسِهَا إِلَيْهِ بِالْعَقْدِ إِذَا طَلَبَ، وَذَلِكَ أَنْ يُسَلِّمَهَا مَهْرَهَا الْمُعَجَّل وَتُمْهَل مُدَّةً حَسَبَ الْعَادَةِ لإِِصْلاَحِ أَمْرِهَا كَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلاَثَةِ إِذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ لأَِنَّهُ مِنْ حَاجَتِهَا، وَلأَِنَّ ذَلِكَ يَسِيرٌ جَرَتِ الْعَادَةُ بِمِثْلِهِ. وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ قُفُولِهِ مَرَّةً إِلَى الْمَدِينَةِ: أَمْهِلُوا حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلاً - أَيْ عِشَاءً - لِكَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ، وَتَسْتَحِدَّ الْمُغَيَّبَةُ " . وَمَا ذَلِكَ إِلاَّ لإِِصْلاَحِ نَفْسِهَا.
 وَلِلزَّوْجِ إِجْبَارُ زَوْجَتِهِ عَلَى الْغُسْل مِنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ ذِمِّيَّةً؛ لأَنَّهُ يَمْنَعُ الاِسْتِمْتَاعَ الَّذِي هُوَ حَقٌّ لَهُ، فَمَلَكَ إِجْبَارَهَا عَلَى إِزَالَةِ مَا يَمْنَعُ حَقَّهُ.
وَلَهُ إِجْبَارُ الْمُسْلِمَةِ الْبَالِغَةِ عَلَى الْغُسْل مِنَ الْجَنَابَةِ، أَمَّا الذِّمِّيَّةُ فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ يَجُوزُ لَهُ إِجْبَارُهَا عَلَى الْغُسْل مِمَّا ذُكِرَ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْجَنَابَةِ عِنْدَ كُلٍّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
الامتناعُ عن الجماعِ لعذرٍ شرعيٍ .
 وإذا امتنعتْ الزوجةُ من إجابةِ زوجهِا في الجماعِ وقعت في المحذورِ وارتكبت كبيرةً ، إلا أن تكونَ معذورةً بعذرٍ شرعيٍ كالحيضِ وصومِ الفرض والمرضِ وما شابه ذلك .".
 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ أَنْ تَجِيءَ لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ"
 وقوله (إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ )أي ليجامعَها .(فَأَبَتْ) امتنعتْ عن إجابتهِ . (لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ) أي دعتْ اللهَ تعالى أن يطردَها من رحمتِه ويبعدَها من جنتِه
أو يعاقبَها عقوبةً شديدةً.
وهل تلعنُ الملائكةُ الزوجةُ إذا غضبَ عليها زوجُها لأي أمر
 " ظَاهِرُ كَلاَمِ أهلِ العلمِ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا اللعنَ في حقِ مَنْ منعتْ زوجَها حقَه في الاستمتاعَ وليس في مطلقِ الحقوقِ الأخرى.
هل تؤاخذُ الزوجةُ إذا ماتت أو مات زوجُها وهو غضبانٌ عليها؟ والجواب :
 روى البيهقي في شعبِ الإيمان عَنْ حُصِينِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَمَّتِي، أَنَّهَا أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَتْهُ عَنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ: " أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ "؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: " كَيْفَ أَنْتِ لَهُ "؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَا آلُوهُ إِلاَّ مَا عَجَزْتُ عَنْهُ ، فَقَالَ: فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ"أو أَحْسِنِي، فَإِنَّهُ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ "
 وروى الترمذي وابن ماجه والحاكم عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلْتِ الْجَنَّةَ»
 وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ قُعُودٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا وَافِدَةُ النِّسَاءِ إِلَيْكَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ رَبُّ الرِّجَالِ وَرَبُّ النِّسَاءِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَآدَمُ أَبُو الرِّجَالِ وَأَبُو النِّسَاءِ، وَحَوَّاء أُمُّ الرِّجَالِ وَأُمُّ النِّسَاءِ، وَبَعَثَكَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَالرِّجَالُ إِذَا خَرَجُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقُتِلُوا فَهُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، وَإِذَا خَرَجُوا فَلَهُمْ مِنَ الْأَجْرِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، وَنَحْنُ نَخْدُمُهُمْ وَنحْبِسُ أَنْفُسَنَا عَلَيْهِمْ، فَمَاذَا لَنَا مِنَ الْأَجْرِ؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَقْرِئِي النِّسَاءَ مِنِّي السَّلَامَ وَقُولِي لَهُنَّ: إِنَّ طَاعَةَ الزَّوْجِ تَعْدِلُ مَا هُنَالِكَ، وَقَلِيلٌ مِنْكُنَّ تَفْعَلُهُ "
 وعَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ النَّاسِ أَعْظَمُ حَقًّا عَلَى الْمَرْأَةِ ؟ قَالَ : زَوْجُهَا قُلْتُ : فَأَيُّ النَّاسِ أَعْظَمُ حَقًّا عَلَى الرَّجُلِ ؟ قَالَ : أُمُّهُ"
 فهذه النصوصُ تدلُ على عظيمِ حقِ الزوجِ على زوجتهِ ووجوبِ طاعتهِا إياه في المعروف، ولو ماتتْ الزوجةُ أو مات الزوجُ وهو غضبانٌ عليها لمنعها حقًا له عليها يجب عليها أن تؤديَه فإنها تستحقُ أن تؤاخذَ على ذلك، وتُجزى على سيئتِها بدخول النارِ أو بعقوبةٍ أخرى إلا أنْ يغفرَ اللهُ لها، أما إنْ كان غضبُه لغير مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ فلا تُؤاخذُ به
#محمد_سعيد_أبوالنصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون