الاثنين، 27 أبريل 2020

قصص القرآن الكريم ... بقلم الشاعر والكاتب / عبدالكريم الزيدي

قصص القرآن الكريم
................................
الحمد لله حق حمده ، والصلاة على من لا نبي بعده .

لقد تفرد الدين الإسلامي ورسوله ان ايده الله سبحانه وتعالى بمعجزة كتابه الكريم ، تلك المعجزة الكبرى التي تجلى فيها الإعجاز بتعدد صوره البيانية والتاريخية والغيبية والعلمية ليبقى حجة وشاهدا على العالمين الى يوم الدين.
فقد اعتادت البشرية منذ خليقتها ان يبعث الله سبحانه وتعالى رسله( عليهم السلام) هداية للناس ليخرجهم من الظلمات الى النور وأيدهم بمعجزات لهم لتصديق دعوتهم ، وان جل هذه المعجزات كانت حسية ومادية تأتي موافقة لحالتهم وأقوامهم وتنتهي هذه كلها بانتهاء زمنهم ولاتكن حجة الا على من شهدها او وصلت اليه بالتواتر ، فهي خاصة بزمان ومكان اقوام معينين.
ولهذا نجد ان خاتم الدعوة لابد ان يكون للناس جميعا وان يختم بها الله سبحانه وتعالى الحجة الى يوم الدين ، فجاء كتاب الله وقرآنه الكريم إعجازًا فريدًا لكل وقت وحين وهو صالح وحق الى ان يرث الله الارض ومن عليها ، والغريب ان هذا الكتاب جاء بلغة واحدة مبينة واضحة تخاطب الإنسانية جمعاء ولا تستثني قومًا او أمة اوشعبا على وجه البسيطة (وهذا موضوع سأفرد له مقالا ان شاء الله ).
وما يهمنا من هذه المقدمة التي كان لابد لها فان كتاب الله سبحانه وتعالى تضمن في نصوصه سردًا تاريخيًا لمجموعة من القصص القرآنية التي اختارها الله بعلم منه وبأسلوب يكاد يكون مختلفا بين واقعة وأخرى ، تخاطب القلوب قبل العقول وتوقض نشأة الفطرة السليمة وبمعاني وعبر وشهادة وحس لا تجد لهذه القصص الإلهية مثيلًا او شبيهًا لها على الإطلاق ( وان وجدت أمثالها بين الناس قبل نزول القرآن ) وبين ما يضعها البشر .
وعلى هذا فاننا نجد القصص القرآنية تنوعت في قصص الأنبياء والرسل ( ادم ، نوح ، إبراهيم ، يوسف ، موسى ، عيسى ،و..) والحكماء (لقمان،ذو القرنين، الخضر والعزير ، و...) وقصص النساء ( حواء ، مريم ، امرأة لوط، آسيا ، و ....) وقصص الأقوام ( ثمود ،عاد، تبع ، اصحاب الرس، اصحاب السبت ، و...) وقصص الظالمين ( فرعون ، نمرود ، هامان ، قارون ، و...) وقصص الحيوانات ( اصحاب الفيل ، بقرة بني اسرائيل ، ناقة صالح ، الحوت ، و...) .
ولما جاء في كتاب الله سبحانه قوله تعالى ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ) اصبح علينا واجبا في بيان الغاية من هذه القصص ومعانيها ، والتي يمكن إيجازها :
⁃ إيضاح أسس الدعوة الى الله سبحانه
⁃ تثبيت قلب الرسول ( صل الله عليه وسلم) والأمة والمؤمنين بدين الله
⁃ تصديق الأنبياء ومن سبق الإسلام واحياء ذكراهم
⁃ بيان صدق النبي ( صل الله عليه وسلم) في دعوته
⁃ مقارعة أهل الكتاب بالحجة فيما يكتمون من البيان والهدى
⁃ أخذ العبرة والفائدة

ومن الملاحظ ان من قصص القران ما وردت فيها اعجاز وعجائب لا يأخذ بها الا العقل السليم والقلب المؤمن فهي تتعدا الخوارق الطبيعية الى عالم الإيمان بالحدث وقدرة الله سبحانه وتعالى ، فقصة اصحاب الكهف الذين مكثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وزيادة نرى فيها من الإعجاز ما لا يوافق الخلق وطبيعته حين بعثهم الله سبحانه ليتسائلوا بينهم عن مدة مكوثهم وظل عددهم الحق مجهولا الى يومنا هذا بحكمة لا يعلم بها الا الله ، وكذا الحال في قصة نبي الله العزير ( عليه السلام) الذي أماته الله سبحانه مائة عام قبل ان يحييه ثانية بإعجاز لا يوافق الا قدرة الله عز وجل ، والحديث يطول في قصة رجل بني اسرائيل الذي أنطقه الحق سبحانه في قصة البقرة ، والطير الذي أراد به الله سبحانه وتعالى ان يطمئن قلب إبراهيم ( عليه السلام) فأحياها ثانية في دليل على مبعث واحياء الموتى.
والملفت في قصص القران الكريم انها لم ترد في سجية او صورة واحدة ، بل وردت مختلفة تماما فجاءت مختصرة في حادثة ما او كاملة في ترتيب أحداثها وشخوصها في حادثة أخرى وأحيانا يرد ذكر جانبا من القصص في مكان بين سور القران الكريم وياتي ذكر جانبا ثانيا منها في مكان اخر ، وسبحان الله الذي بعلمه نزلت قصص كتابه لتعرض مرة واحدة مبسوطة ومرة أخرى مقبوضة لحكمة لا يعرفها الا الله والراسخون في العلم .
وعادة ما تأتي القصص في القرآن الكريم بلغة بلاغية غاية في الدقة والعناية لا تقبل مفرداتها الفصل او الإضافة والتبديل فتفقد معناها الذي وضعه الخالق سبحانه وتعالى بهذه المواقع وترتيبها ببناء وتنظيم يتعذر على البشر مهما اجتهدوا او حاولوا صياغة بديلها او مرادفها في المعنى والتشبيه ، ناهيك عن فصاحة جملها وقوة تعبيرها ومغزاها وتفصيل مرادها .
هذا الإعجاز البياني يذكره الله بقوله ( نحن نقص عليك احسن القصص بما أوحينا اليك هذا القرآن وان كنت من قبله لمن الغافلين ) لانها اشتملت على اصدق الأحداث ، وابلغ الأساليب واجمعها للحكم والعظات والعبر ، فالقارئ للقرآن يتنقل في ترتيب الآيات بحسب اثارها ووقعها فلا يزيغ له بصر او عقل او قلب ويأخذ بمعناها وتبليغها كما أراد الله لها واستحكم تفصيلها .
أتمنى ان اكون قد اشرت بما ينفع المقام الى عظمة وقوة وتحكيم معاني القصص في القران الكريم وبلاغة صورها وتوصيفها، وفقني الله واياكم الى ما هو خير وانفع ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
..................................................
عبد الكريم احمد الزيدي
العراق / بغداد


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون