( مـلامــح التـجـديـــــد في الشـــــعـر العــربـــي )
ملامح التجديد في الشعرالجاهلي - القسم الخامس
بقلم : فالح الكيــــــــلاني
تابع
3- الرثاء :
والرثاء ذكر الميت وصفاته الحسنة ونعته بكل الصفات الحميدة الموجودة فيه من شجاعة واقدام وعزيمة وكرم ووفاء وحماية للجار ونسب عال وصواب الراي باسلوب ينم عن التاثر بحادثة الموت وعاطفته اتجاه الميت مع الاسف عليه و استظهار الغم والحزن والهم الذي يلحق الشاعر جراء الفقد وقد يكون عزيزا عليه او في قومه .
ومن اشهر شعراء الرثاء الجاهليين لبيد والمهلهل الذي رثى اخاه كليب حين قتل ’ لاحظه يقول:
كليب لاخير في الدنيا ومن فيها
ان انت خليتهــــا فيمن يخليها
ومن أمثلة الرثاء ايضا قول متمم بن نويرة في رثاء أخيه مالك :
لقد لامني عند القبور علـى البكـا
صديقي لتذرافِ الدموع السوافكِ
فـقـالَ أتبـكـي كــل قـبــرٍ رأيـتــهُ
لقبرُ ثوى بيـن اللـوى فالدكادكـكِ
فقلتُ له: إنَّ الشجا يبعثُ الشجـا
فدعـنـي فـهـذا كـلـه قـبــرُ مـالــكِ
4- الغزل والتشبيب :
وفيه الشاعر يتغزل بمن يحب ويهوى فيذكر حبه وغرامه وهيامه بمن يحب والام الفراق ويذكر الشوق والبين والوله القاتل ومنها الوقوف على الاطلال وبكاء الحبيب وذكراه ويمتاز هذا الغرض بالعاطفة الصادقة المتدفقة من قلب المحب كالشلال المتناثر المياه شعرا فياضا وبالاحاسيس النبيلة المعبرة عما في قلب الشاعر من حب لمن يحب وقد دأب شعراء العربية وخاصة في العصر الجاهلي ان يستفتحوا قصدائدهم بالغزل فهذا الشاعر الحارث يقول في مطلع قصيدته او معلقته: :
اذنتنا ببينها اســـــماء رب ثاو يمل منه الثواء
الا ان بعض الشعراء اتخذوا هذا الشعر للهو وسرد المغامرات ومطارة النساء فكان ان ظهر في شعرهم شئ من المجون والخلاعة لاحظ قول الشاعر امرىء القيس يتغزل فيقول :-
افاطم بعض هـــــــذا التدلل
ان كنت ازمعت هجري فاجملي
اغرك مني ان حبــــك قاتلي
وانك مهما تامري القلب يفعل
وما ذرفت عيناك الا لتضربي
بسهميك في اعشار قلب مقتل
اوقول الشاعر المنخل اليشكري في الغزل الحسي :
ولـقـد دخـلـتُ عـلـى الفـتـاة الخــــــدرَ في اليوم المطير
الكاعـب الحسـنـاء تـرفـلُ في الدمســـــــتقِ وفـي الحريـرِ
فدفعتهــا.. فتدافعت مشـى القـطاة إلـى الغديــر
ولثمتهـــا فتنفـست كتنفـس الظبــى الغريـــــر
فدنت.. وقـالت: يا منخَّـل ما بجســـمك من حرور؟
ما شف جسمى غير جسمك، فاهدئى عنى وســـــــيرى
مع العلم ان بعض الشعراء اختص في قول الشعر الغزلي بمن احب ولم يقل في غيره وهم الشعراء العاشقون ومنهم الشاعر عبد الله بن عجلان النهدي يقول لحبيبته هند :
الاَ أَبلِغَا هِنداً سَلامِي وَإِن نَأَت
قَلبِي بِها مُذ شَطَّتِ الدَّارُ مُدنَفُ
وَلَم أَرَ هِنداً بَعدَ مَوقِفِ سَاعَةٍ
بأَنعَمَ من أهلِ الدِّيَــــــارِ تُطَوِّفُ
أَتَتَ بَينَ أَترَابٍ تمايَسُ إِذ مَشَت
دَبِيبَ القَطَا أَوهُنَّ مِنهُن وألطف
يَبَاكِــــرنَ مِرآت جَلِيًّـــــــا وَدارَه
ذَكِيًّا وبالأَيدِي مداك وَمِســـــوَفُ
أَشَارَت إلَينَا في حَيَاءٍ ورَاعَهَا
سَراةَ الضُّحَى مِنِّي عَلَى الحَيّ مَوقِفُ
وقالت تَبَاعَد يَا ابن عَمِّي فَإِنَّنِي
مُنيِتُ بِذِي صَــــولٍ يغــــتارُ ويَعنُفُ
5- الهجاء:
الهجاء هو تجريد الشخص المهجو من كل صفة انسانية نبييلة ووصفه بكل صفة نابية او رذيلة وغير مشرفة كالبخل والجبن ووضاعة النسب وكل امر لا يحبونه او يعتبرونه منقصة ومهانة بين
ا لناس .
واشتهر في الهجاء الشاعر طرفة بن العبد والشاعر امية بن الصلت وقد هجا طرفة بن العبد ملك المناذرة عمرو بن هند واخاه واقاربه في قصيدة يقول فيها :
فليت لنا مكان مكان الملك عمرو
رغوثا حـــــول قبتنــــا نخور
وقول زهير بن أبي سلمى :
وما أدري ولست أخال أدري
أقـــومٌ آل حـصــنٍ أم نــســاءُ
6- الوصف :
وهو وصف ما يلاحظ الشاعر من صور ومشاهد حية وتجربته بين الاحياء والناس وما تمر به من احوال وخواطـــــــــــر ومواقف وامور يقف الشاعر ازاءها موقف امام مناظر يراها بالعين تؤثر في نفسيته فتهز شعوره وتحــــــــــرك عاطفته فتأتــــــي القصيدة بما توحيه نفسه اليه وتؤثر فيه فتهز شعوره وما يعتلـج في قلبه من مشاعر ازاء هـــــــذا الموقف وربما جاءت وصفا لاحيــا ء فتكون كصور مشكلة مؤثرة ملونة بمقدار تأثر الشاعر بها او وصفا لاحوال الشاعر فتكون الصور متغيرة بتغير الـوان الشعور الشعري والعاطفي لديه لذلك تعتمد القيادة الوصفية على الدوافع النفسيــة وتاثيراتها في الاستعـــــــــــــــارات والتشبيهات البلاغية وتجد في القصيدة ان يد الشاعر الفنان مزخرفة ومؤطرة للقصيدة ويعمد الـــــــى صقلها بما اوتي من شاعرية فـــــذة حتى لتبدو كمرأة صافية ترى فيهــــا خيال الموصوف وروح الشاعر واضحة بينــــــــــة وقد اشــتهر بالوصـف اغلب الشعراء في هذا العصر كامرىء القيس وزهير بن ابي سلمى ولبيد والنابغة .
ومما يقوله عنترة العبسي في وصف معركة من معاركه :-
مازلت ارميهم بشفرة نحره
ولبانه حتى تسربل بالدم
فازور عن وقع القنا بلبانه
وشــــــكا الي بعبرة وتحمم
اوما يقوله امرؤ القيس في وصف فرسه :
وقـد أغتـدي والطيـرُ فــي وكناتـهـا
بـمـنـجـردٍ قــيــد الأوابــــد هـيــكــلِ
مـكــرٍ مـفــرٍ مـقـبـلٍ مــدبــرٍ مــعــاً
كجلمودِ صخرٍ حطهُ السيلُ منْ علِ
مِسحٍ إذا ما السابحـات علـى الونـى
أثـــرن الـغـبـار بالـكـديـد الـمـركــلِ
لــه أيـطـلا ظـبـيٍِ وسـاقـا نعـامـةٍ
وإرخــاءُ سـرحـانٍ وتقـريـبُ تتـفـلِ
7- الحكمة :
وفي الحكمة يسمو الشاعر في اجواء نفسه ويطل علـــــــى الحياة من الاعلى ثم ينحدر متغلغلا في معانيها لحد دقائق امورها ويحف با طرافها مسيطرا على عواطفه واحاسيـــــــــه متعقلا ثم يوجه نظرتـــــه الكاشفة متفحصا فتظهر له الحياة على حقيقتها واضحة جلية تنبعث نظرته من العقـــــــل الواعي لا الخيال فياتي شعـــره مهيمنا على الموضوع متجردا عن المكان والزمان وهذا سر مطابقته لكل الأوقـــــات والازمنة وينحدر في النفس المتلقية كالماء العذب انظر لهذا البيت للشاعر زهير بن ابي سلمى يقول؛_
ومن يجعل المعروف في غير اهله
يكن حمده ذ ما عليه ويندم
لسانُ الفتى نِصفٌ ونِصفٌ فؤادُهُ
فلم يَبْقَ إلا صـورةُ اللحمِ والدمِ
ولطرفة بن العبد يقول :
وظلم ذوي القربى اشد مضاضة
على المرء من حد الحسام المهند
الا ان الحكمة جاء ت كمضرب مثل في الشعر الجاهلي وضمن القصيدة الواحدة وليست منفصلة بغرض منفرد.
8- الخمرة :
الخمرة والشراب كثيرا ما تغنى الشعراء بها ووصفوا ادواتها وتاثيرها على النفس ومجالسها ومنهم من استهل قصيدته بها كما
يقول الشاعر عمرو بن كلثوم في مطلع معلقته :_
الا هبي بصحنك فاصبحينــــــا
ولا تبقي خمــــــور الاندرينا
ومن شعراء الخمرة ايضا المنخل اليشكري و الاعشى وامرؤ القيس وكثير غيرهم.
راجع كتابي (دراسات في الشعر العربي ) العصر الجاهلي
لاحظ كتابي (موسوعة شعراء العربية ) المجلد الاول
( شعراء جاهليون ) – الجزء الاول .
.
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
.
اميرالبيـــــــــــــان العربي
د. فالح نصيف الحجية الكيلاني
العــراق - ديــــالى - بـلــــد روز
.
*****************************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق