دقّةُ التّعبيرِ القرآني في استخدامِ الألفاظ (التّرابطُ بينَ الآيات) :
قالَ تعالى (إذا السّماءُ انْشَقّتْ & وأذِنَتْ لربِّها وحُقَّتْ & وإذا الأرضُ مُدَّتْ & وألْقَتْ ما فيها وتَخَلّتْ & وأذِنَتْ لربِّها وحُقَّتْ & يا أيُّها الإنسانُ إنّكَ كادحٌ إلى ربِّكَ كَدْحًا فَمُلاقيهِ & - - -) سورةُ الإنشِقاق الآيات ١ إلى ٧.
يُخبرُنا سبحانَهُ عن بدايةِ يومِ القيامةِ والتّغيّراتِ الّتي تحصلُ فيهِ لجميعِ الكائناتِ كأنّها رؤيا عينٍ فيقولُ إذا السّماءُ انْشَقّتْ أي تَتَعرّضُ للإنشقاقِ بإذنِ ربّها طاعةً لأمرِهِ وانقيادًا لهُ وحَقٌّ لها طاعَتُهُ والأرضُ كذلكَ تَمْتَدُّ وتزولُ ما عليها مِنَ الجبالِ وتُخْرِجُ مافي بطنِها مِنَ الكنوزِ والمعادنِ ورفاتِ الموتى فتصيرُ قاعًا صَفْصَفًا لاترى فيها عِوَجًا ولا أمْتًا كلُّ ذلكَ بإذنِ ربّها طاعةً لأمرِهِ وانْقيادًا لهُ وحَقٌّ لها كذلكَ طاعَتُهُ. ثُمَّ يخاطبُ سبحانَهُ الإنسانَ بأنّهُ عاملٌ في الدّنيا وساعٍ فيها أشَدَّ السّعيِ مِنْ أجلِ مصالحِهِ الدنيويّةِ أوِ الأُخرويّةِ ثُمَّ هوَ مُلاقٍ ربَّهُ فيُجازيهِ على أعمالِهِ كلِّها خيرِها وشرِّها.
وعندَ التّمعُّنِ في الآياتِ أعلاهُ نجدُهُ سبحانَهُ ذَكَرَ ملاقاةِ الإنسانِ لربّهِ بعدَ ذِكْرِ التّغيّراتِ الّتي تحصلُ في السّماءِ والأرضِ فَهَلْ هوَ انتقالٌ من موضوعٍ إلى آخرَ لاعلاقةَ لهُ بسابقهِ أم أنّ هناكَ ترابطًا بينَهما؟!
والجوابُ نعم هناكَ ترابطٌ وثيقٌ بينَ الآياتِ أعلاهُ من حيثُ أنّهُ سبحانَهُ جَعَلَ لكلِّ شيءٍ بدايةً وغايةً فَكَما أنَّ السّماءَ والأرضَ وَصَلَتا إلى النّهايةِ الّتي حَدّها الّلهُ سبحانَهُ لهما فكذلكَ الإنسانُ سَيَصُلُ في نهايةِ سعيِهِ الدُنيويِّ إلى ملاقاةِ ربّهِ فيُجازيهِ على أعمالِهِ إنْ خيرًا فخيرٌ وإن شرًّا فشرٌّ والّلهُ أعلمُ فانظرْ إلى التّرابطِ الوثيقِ بينَ الآياتِ وقل سبحانَ الذي وسِعَ كلّ شيءٍ عِلما.
المهندس خليل الدّولة
2021 /27/2
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق