السبت، 27 ديسمبر 2014

صابرة بقلم الأديبه / مروة سقسوق

تم النشر بواسطة / إبراهيم فهمى





القصه منقوله ليست للناشر وإنما للأديبه / مروة سقسوق
×××××××××××××××××××××××××××××××××××
صابرة -بقلم مروة سقسوق-
كانت الخامسة مساءً عندما استقبلتها مبتسمة مرحبة وسألتها عن أحوالها فتذبذبت في عينيها حيرة وشيء تود أن تقوله ...قدمت لها فنجان القهوة فهزت رأسها وآبتسمت ابتسامة الألم والأمل معًا وقالت كان الصبر القوة التي واجهت بها قسوة التجربة عزيزتي الصديقة الآن انتهى كل شيء لكن لا بأس أن تتناثر أوراق ذاكرتي أمامك اريد إفراغ ما في قلبي أضناني الصمت ...
تزوجت رضوخًا لرغبة والدي
ومع الأيام أخذ يتغير ويزداد سوءا وبدأ يجتاحه العطب ،يثور لأتفه الأسباب تقوده عصبيته لتحطيم ما حوله ولا يتوانى عن إلحاق الأذى....
كنت أسأل نفسي دائمًا كيف لإنسان أن يتبدل بهذه الطريقة ؟ وأدركت حينها أني
وقعت في ورطة كبيرة وليس أصعب من أن يقرع رأسك الندم .ألمحت لأمي عن
ابتذاله وطباعه وقسوته فطالبتني بالصبر وكنت حينها قد رزقت بطفلي حسام فقررت أن أصبر من أجل ولدي وكانت التحديات أكبر مني ولكن وجدت الخيار الأمثل أمامي هو الصبر فمشاعر الأمومة متغلغلة فيّ حد الوجع!
أقنعت نفسي بأن كل شيء قابل للتغيير وحاولت التغيير في شخصيته وحاولت تفهم سلوكه ولكن لم أجد لديه نية في التعاطف او التفاهم وكان ينهي حواراتي معه بقوله:( اعلم أنني شخص سيء نعم ويصعب العيش معي أحيانًا)
وكنت كلما فكرت بالعودة إلى بيت ابي يأتيني مهددًامتوعدًا بانتزاع ابني مني فتوصلت الى أنه عليّ أن اصبر حتى يكبر حسام حتى يفهم حتى يثور ويقول لا فصمدت وواظبت على توفير أسباب العيش والراحة لابني في ذلك البيت ما ساعد على مرور أعوام عديدة وكان طفلي يكبر كان جميلا ومهذبًا وذكيًا لكن زوجي لم يعرف قيمته ......
توضح: كان يمسكه من كتفه يقربه من وجهه، يصرخ به ليسمعه كلمات ظل يرددها على مسامعنا كل يوم، كان يشتمه، يشتمنا جميعاً.. ثم يشتم كل خلق الله، لم أنس كلماته! كثيراً ما كانت كلماته تطن في أذني، تتقلب في عقلي.. الكلمات لا قيمة لها عنده.. لا قيمة لشيئٍ عنده.. يلمحه متجهاً لغرفته ليذاكر أو ينام يصرخ به: تعال إلى هنا يا غبي! ماذا فعلت اليوم بالمدرسة؟ وقد يصفعه صفعة يسري ألمها في خلايا جسدي، يتكرر هذا المشهد بين يوم وآخر.. وقد يأتي متوتراً غاضباً يريد أن يحطم شيئاً أما حسام هو الضحية السهلة الميسرة.. كان صغيراً ضئيلاً أمامه.
كانت تتساقط من عيني ابني دموع صغيرة صامتة، وكنت آخذه من يده أغسل وجهه وأنا نهب عذاب لا يوصف والبيت معزول والنوافذ مغلقة على الصمت و الغبار..
تتابع: لكني عدت لأستلهم الصبر وأقول لنفسي: تحملي تحملي لن يرحمك إذا رحلت سيسلبك ابنك...
حين زرت أهلي في نهاية الأسبوع وأثناء حديثي مع أمي كان حسام يريها بقعاً بنفسجية اللون وآثار خدش في كتفه وضعت عليها كمادات من الثلج وهي تقول لي: (يكبر وينسى).
قلت لها: لكن الذاكرة الأولى للطفل هي التي تبنى عليها شخصيته.......
صمتت لحظة، ثم تابعت قائلة: أصبح العمل بالنسبة لي والمدرسة لحسام هما المتنفس.. هما ميدان الحياة..
تخيلي "أب يعنف ابنه؟ من يحب من إذن؟!".
واستطردت: هكذا ظل الحال حتى بلغ ابني رشده واشتد عوده وفهم كل ما يدور حوله ،فأعددت حقائب الرحيل وحزمت أمري ومضيت به الى بيت أبي.. حينها ثار واتصل بأبي مطالباً بابنه، بل حاول انتزاعه لكن ابني قد تجاوز الخامسة عشر من عمره فلم يعد طفلاً بل صبي نضج قبل أوانه.
هكذا عدت به الى بيت أبي وقد كبر بعض الشيء.. عندما غادرت بابني لم أكن في حالة فرح، كان الفرح بعيداً عني، كنت في حالة ارتياح، لكني أحسست بيد أبي تربت على كتفي..
وقطع حديثها اتصال هاتفي لترد بسرعة ولهفة ومن لمعة عينيهاعرفت بأن المتحدث ابنها على الجانب الآخر - صوتها يشوبه أمل - "أنا بخير وانتظر عودتك حاملًا شهادتك"
نظرت إلي وأردفت قائلة: لقد ضحيت من أجله ......ضحيت من أجله بعمري 
سأقرأ عليك رسالة الواتس أب التي أرسلها إلي منذ يومين وراحت تقرأ رسالته: ( كم أفتقدك يا أماه وسط متاعب الوحدة.. وأتذكر عندما كنت تلميذاً صغيراً كنت أرسمك وأخبئ أوراقي في الدرج عن أبي.. حين عدت من الجامعة الى مسكني صليت على سجادتك التي أصطحبها، مهما تعلمت ما من شيء جيد أعرفه الا أعزوه إليك.. كم أدين لك بكل شيء).
ما استطعت أن اخفي عنها دموعي واحتضنتها ولكنها لم تبكي ربتت على كتفي .....
أغلقت جهازها النقال، تنهدت وكأنها تستريح من الكلام.. ثم ختمت حديثها قائلة: هذا ما حدث 
قلت لها: الحزن لا يليق بك سيدة الصبر لقد ضحيت بعمرك من أجل ابنك لا تريدين بعد ذلك شيئاً .. هيا اشربي قهوتك الآن ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون