تم النشر بواسطة / إبراهيم فهمى
فاعل خير
العلاقة بين الأمن البشري والأمن التعليمي :
الأمن البشري مصطلح بدأ يطفو على السطح منذ تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة عام 1990م ومحوره الناس أنفسهم حيث إنه يتعلق بنمط حياة الإنسان في مجتمعه أي أنه مفهوم تكاملي يعترف بشمولية مطالب الحياة وليس مفهوم دفاعي .
ولتحقيق الأمن البشري يجب تحديد متطلباته وهي في الأساس تعتبر عناصره التي لو تحققت لوصلنا إليه ، قد ذكرت هذه العناصر في إطار قضايا تنموية رئيسية وهي :
1- الأمن الغذائي .
2- الأمن الاقتصادي .
3- الأمن الصحي .
4- الأمن البيئي .
5- الأمن السياسي .
6- الأمن الشخصي .
وأكد " بزان " على أن الأمن يكون من خلال الاهتمام الأكبر لمصادر التهديد أكثر من مقاومة التهديد نفسه ، وتوعية الأفراد لمولدات التهديد ، من هذا المنطلق يكون للأمن أموراً اقتصادية وسياسية واجتماعية مثلها مثل الأمور الحربية ( ) ، مما يؤكد على أن مولدات الخطر هي أمور تتعلق بنمط الحياة اليومي للإنسان الذي هو محور هذا الأمن .
ولما كان التعليم هو المعبر الذي يعبر فوقه البشر للوصول إلى تطلعاته المستقبلية لتحقيق أمنه البشري ، وكان لزاماً على التعليم في ظل المتغيرات السريعة في كافة مناحي الحياة في العصر الحالي وظهور مفاهيم جديدة لم تكن معروفة مثل الحداثة وما بعد الحداثة والعولمة والكونية ، مواجهة هذه المفاهيم بما تتضمنه من تغيرات سياسية واجتماعية وتنافسية اقتصادية ، ومن هنا تظهر حاجة البشر والمجتمعات إلى عصرنة سبل التعليم للوصول للأمن البشري مما يتفق مع ما قاله سعيد إسماعيل " أن العملية التربوية هي عملية تنمية بشرية " .
والأمن البشري مبني على ما تحققه التنمية البشرية وتهدف إليه من توسيع خيارات الناس بحيث يكون في استطاعتهم أن يمارسوا اختياراتهم في أمن وحرية وأن يكون بوسعهم أن يثقوا من أن الفرص المتاحة لهم اليوم لن تضيع في الغد ( ).
وبناء عليه يصبح الأمن التعليمي ما هو إلا عملية أمن بشري .
فالشخصية المتعلمة هي الأمنة عقلاً وجسماً ، شخصية تعتبر بصوتها ، وتبدع بفكرها ، وتسعد بثقافتها ، وتتطور بمجمعها ، وفي النهاية هي خلاصة مجتمع ، كما أن المجتمع الأمن بشرياً نتاج أشخاص أمنين تعليمياً .
فتعليم التغذية السليمة واستغلال الموارد الغذائية بما يفيد الأفراد والتخطيط لعدم إهدار الموارد وتأمين توفيرها يحقق الأمن الغذائي .
وتبصير الناس باقتصادياتهم وبلورتها لنمط حياتهم وتحقيقها لتكافؤ القوى الشرائية للأسواق ومحاربة الفقر والارتفاع في إنتاجية العمل يؤدي إلى الأمن الاقتصادي ، وأكد على ذلك " جلبريث " (Galbarith) حيث الافتقار إلى التعليم هو أحد أسباب الفقر فقال " أن الشغب الغير مثقف هو الفقير ) .
وهناك علاقة بين التعليم والصحة يلمسها المرء بخبرته في الفروق بين الأحوال الصحية للأسر المتعلمة ومستويات تعليمها وبين الأسر غير المتعلمة ومستويات تعليمها ، أي أن للتعليم إسهامات مباشرة في مجال الأمن الصحي .
كما أن الأمن البشري مبني على ما يحققه الأمن التعليمي ويهدف إليه وبذلك فمن الأسهل والأكثر بشرية وأقل تكلفة أن تتعامل مع فرص الأمن التعليمي بالسباحة ضد التيار بمعنى استثمار كل فرص التعليم للوقاية من التحديات التي تواجهه .
ويمكن تحقيق الأمن التعليمي للإنسان من خلال مجالين :
الأول : التربية النظامية وغير النظامية :
والتي تتم في إطار المؤسسات التعليمية وغير التعليمية ( غير نمطية ) وتشمل مراحل التعليم المختلفة التي تعد الأفراد للعيش في الثقافة الاجتماعية ، وتشمل أيضاً الإعداد لعمل أو مهنة تناسبهم ، كما أنها تنمي قيم الانتماء وتعزيز الهوية الثقافية للمجتمع .
الثاني : التربية الوقائية :
وهي تعمل على تصحيح أوضاع ومشكلات حدثت في الماضي من خلال النظم التعليمية المختلفة مثل ( الأمية بأنواعها ، قلة الإقبال على التعليم الفني ، إنتاج المعرفة وإهمال استراتيجيات تربوية لذوي الاحتياجات الخاصة ) .
إن مشكلات التربية واكتساب المعرفة ليست مشكلات مدارس أو طلاب ، وإنما هي تجسيدات لمشكلات ثقافية واجتماعية وسياسية واقتصادية تعاني منها أمة بأكملها وينبغي أن يكون لكل فرد فيها وظيفة ما في التخفيف من وطأتها ( ). وهذا لن يتحقق إلا من خلال أفراد آمنين تعليماً ، بمعنى إقناع الفرد يتقبل المزيد من التثقيف والنمو وجعله في المستوى الذي يفرضه العصر والذي يرد قيمته المثلى إليه مما يهييء له سبل الوقاية الصحية والغذائية والاقتصادية والبيئية والسياسية والشخصية فيكون أمناً بشرياً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق