قال لي صديقي وقد بدا عليه من الهم مالا يطاق : أسمعني طرفة من لدنك أخفف بها مما ترى من هموم ؟ قلت له ألا بذكر الله تطمئن القلوب ! قال لا اله الا الله ! لكن أريد طُرْفة كما ذكرت لك تفرح القلب الحزين ! قلت له : وقف جحا ذات يوم يخطب في السوق فاجتمع اليه الناس وهم يعرفون أنه أخف دماً من الهواء العذب ! وحديثه أجمل من الحور العِذاب ! تنحنح ومشّط لحيته ورمق الناس بعينيه والتفت ذات اليمين وذات الشمال حتى اكتمل النصاب ولم يبق أحدٌ الا وجاء ليستمع الى أزكى رجل ! تكلم وقال : هل تعلمون ماذا سأقول لكم ؟ قال الجميع : لا ندري ما الذي سوف تقوله سيّدنا جحا ! قال اذن كيف سأعلّّم قوماً جاهلين ؟ نزل عن منبر الخطابة ! ثم جاء من الغد وصعد على المنبر واجتمع له الناس وقال موجهاً سؤاله للجميع وهو يسأل أقصى القوم وأدناهم : هل تعلمون ماذا سوف أقول لكم ؟ قال الجميع : نعم نعم ! قال لهم اذا كنتم تعلمون فما فائدة تعليمي لقوم متعلمين ! فنزل عن المنبر ! وجاء من الغد واجتمع له الناس ! فقلّب وجوههم بعينيه وقال : هل تعلمون ما الذي سأقوله لكم ؟ قال شطر من الناس نعم نعرف وقال الشطر الآخر لا نعلم شيئا مما سوف تقول ! إلتفت جحا الى الذين قالوا نعم نعرف وقال لهم : أرجوكم أن تُعَلّموا الجاهلين ! ونزل عن منبره والكل يضحك لا يدري ما الذي يحمله جحا في جعبته ! المهم ضحك صديقي وكأنه كان يجلس مع القوم الحيارى الذين عرف جحا كيف يداويهم ! ولم يشف غليلهم !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق