الجمعة، 19 يونيو 2015

بعد أن أفطر صديقي بقلم وصفي المشهراوي

بعد أن أفطر صديقي وتناول طعامه الشهيّ واحتسى ما طاب له من الشراب النديّ تمطّط وتمغّط وجاءه وحْيُ شِعر وان شئتَ قلت جاءه لا شيئ ! تنحنح مع كتفيه ومنكبيه وهزّ عارضيه ! ثم نظر اليّ وهمهم بما لا أسمعه ! ولما سمعته لم أفهمه ! قلت له ما هذا الكلام الذي هو من الوضوح بحيث ينقصه الكلام ؟! قال هذا شعر أراه رقيقا ! ولو تمنعنتَ به لرأيته ألماساً وعقيقا ! قلت له : أراك بعد الافطار تهذي ! فلا أنت قلت من الشعر هذا ولا من الخواطر َهذِي ! هل تقبل أن أعتبر نفسي الان صاحب كاميرا خفية لا أنشر ما قلتَ الا بعد إذنك وتوقيع إسمك وتأصيل رسمك ؟ قال : انشر ما بدا لك فقد أدخل تاريخ الأدب من أول تجربة ! قلت له أكرر لك ذات السؤال لئلا يضحك الناس من قولك ؟ قال أتحدى أن يرفض ما قلتُ غيرُك ! قلت : ايها الأصحاب والأحباب : لا يغترّ أحد برأيه فمن اغتر بنفسه ضل ومن استأثر بقوله زلّ ! لي صديق حاول أن يجرّب حظه فقال قولا ليتكم تعينونني وتبينون لي غامضه وتعلنون غوامضه فهو قد زاد الغموض غموضا ! وهو لا يعرف القافية ولا الشعر ولا العروضا ! لا أريد أن أذكر اسمه ولا أنشر رسمه فأنا أحب الستر طولاً وعرضا حفظاً على منبت الخير لاأفضح عِرْضا ! قال الأحبة ماذا قال صاحبك الخفيّ ؟ قلت قال ما يلي وما به ابتُلي ! قالوا هات ما عندك ! قلت لهم لم أذكر مما قال شيئا ! سوى بعض الكلمات التي لو جُمِعت حروفُها لضحِكَتْ ! وطارت عن ثبجات السطور وفرّت ! أذكر جملة مما قال وليته لم يقل : حين وثب الأرنب وثبته ! اهتز لها ذيل الأسد ! تعجب بعض من ذكرت لهم استهجاني وأظهرت لهم أشجاني ! وقالوا : لم نر ما رأيت أنت مما تقول ! بل نرى ما قال صاحبك قولا جميلا ! قلت لهم : أنا معكم كالمستجير من الرمضاء بالنار ! قالوا كيف : قلت : الوثبة لا تكون الا لذي همة كالنمر والأسد ! والذيل لا يكون الا للطائر المغرّد ! فالذنب للوحوش وحاشاكم يكون أيضاً للجحوش ! ضحكت أنا بعد ما فسرته لهم ! فانكسف البعض وخجل ! وتبرأوا بعد ذلك مما استحسنوه بعد أن أكالوه ووزنوه ! ثم توجهت بوجهي تلقاء صاحبي المستشعر أنه قد أصاب كبد الشعر وقلبه ! ثم قلت له : أنا أحب أن تحاول مرة ومرات عديدة حتى يتسنى لك ما تحب الوصول اليه لكن لا يتم ذلك كما تتمنى في ساعات أو دقيقة ! قم فاسبح في بحور العلم والتقط من حِليّ الألفاظ ما يتلألأ ومن جميل المعاني ما يقول نعم ولا يقول لا ! حينها يا صديقي تبدأ بالمحاولة فأنا ما زلت أسبح وأعوم وقد أقع في حفرة الخطأ ولا أقوم ! قال صديقي : صدقت ! قلت له بوركت ووُفّقْت !! قلم وصفي المشهراوي !!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون