الأحد، 26 يونيو 2016

عطاء أم وجحود إبن ... بقلم الأستاذ / عصام الباز


  • عطاء أم وجحود ابن
  • أنجبته وبعد ولادته بثلاث سنوات توفي أبوه تاركا مبلغ من المال ليس بالكبير ولم يكن لديها غير هذا الابن وتفانت في توفير الحياة الطيبة له كما حرصت على تعليمه ووضعت أملها أن يحصل على أعلى الشهادات ليكون لها مبعث فخر وتعويضا عن وفاة زوجها الذي كان يوقرها ويسعدها 
  • وضحت من جسدها ومن سعادتها ومن مالها لتسعد ابنها ، وبالفعل أنهى الابتدائية بتفوق، ثم التحق بالإعدادية وكان متفوقا أيضا ولكنها لاحظت أنه يتوتر ويتضايق إذا ذهبت للسؤال عنه في المدرسة ، بل كان يطلب منها ألا تأتي للمدرسة بحجة أنه كبر ، والتحق بالثانوي وتفوق ، وتزداد سعادتها ، ويزداد خوفها عليه فتذهب للمدرسة لتتابعه فلاحظت أنه يتهرب من ملاقاتها أمام زملاؤه ، ولم تضع في بالها شيئا ، وبالنسبة له كان هناك من وجهة نظره ما يدفعه لذلك وهي أنها كانت بعين واحدة ، ودخل الجامعة وتفوق فيها وذات يوم وصلها خبر كاذب أنه أصيب بحادث داخل الجامعة فهرعت إلى الكلية ورأته عن قرب فإذا بها تناديه بعيدا عن زملاؤه وفوجئت به يقول لأحد زملاؤه ( ثواني لأرى ماذا تريد خادمتنا) ، عزت عليها نفسها وعادت مكسورة الخاطر إلى البيت ، ولم يتبعها ليطيب خاطرها ، ورجع للبيت بعد يومين فأخذت تعاتبه عما سمعته منه فكذب وأوهمها أنها سمعت بالخطأ ، وسافر في بعثة تعليمية ليدرس بالخارج ، وتفوق بامتياز ، ولم يعد لموطنه ، وتزوج من الدولة التي يدرس بها واستقر وأنجب ، وظلت تسأل حتى وصلت إليه بتلك الدولة لترى حفيدها الذي كبر ، ودقت جرس الباب ففتح الحفيد فطلبت منه والده ، ومجرد أن رأى والدته أخذ يغلق الباب ، وسأله ابنه : من تلك ? فقال له تريد صدقة ، وعادت حزينة ، وشعرت بدنو أجلها فكتبت رسالة ووضعتها في درج مكتبه حينما كان صغير ، ثم ماتت وعلم بوفاتها فعاد لبلده ليحضر جنازتها وصدفة فتح الدرج فوجد الرسالة وفتحها فوجد مكتوبا بها ( كنت تستحي مني لأني بعين واحدة ، اذهب إلى الطبيب فلان سيخبرك أن تلك العين هي عينك اليسرى عندما تعرضت لحادث وأنت صغير ، انهار من البكاء وحزن أشد الحزن من قسوة قلبه
  • عصام الباز

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون