الثلاثاء، 14 فبراير 2017

وحيدة وسط الزحام بقلم الأديب اللواء// ماهر عبد الواحد

رأيتها أول مرة على باب أحد السرادقات الصوفية ، ظهر يوم الليلة الكبيرة لمولد العارف بالله الشيخ حسانين ، وعندما سألتها عن اسمها قالت : " وحيدة وسط الزحام " ، فعقبت ولماذا وسط الزحام ؟!! قالت : لأن الوحدة وسط الزحام تكون أشد مضاضة وأدهى وأمر .
قالت ستتحرك القافلة من هنا خلال شارع العباسي إلى مديرية الأمن في الثالثة عصرا ، ثم تتحرك إلى شارع بورسعيد ثم إلى ميدان الشيخ حسانين مرة أخرى ، ثم تابعت : الساعة الآن الثانية وسيبدأ ممثلو الأ
حياء ومجلس المدينة و النجدة والاسعاف والشرطة وفرقة الموسيقى العسكرية ومشايخ الطرق الصوفية بالمجئ ليتحرك الركب من قلب الميدان .
أخبرتني أنها شبت وترعرعت بجوار الميدان ، وأنها كبرت وسط سرادقات الطرق الصوفية وأناشيدهم وتواشيحهم الجميلة وأعلامهم المبهجة وطرقهم المتعددة ، وقالت أنها تتمنى منذ طفولتها أن تشارك مع القافلة وأن تركب حصانا ذا غطاء حريري أبيض مظلل بالقباب ومآذن المساجد ، قلت لها : سأحقق لك أمنيتك .
اتصلت بأحد معارفي وأخبرته عن طلبي وقلت له أننى أمام مقهى الشيخ حسانين فقال : حاضر خلال ثلث ساعة ، وبالفعل حضر ومعه حصان أبيض جميل وقد أحضر أيضا طرطورا متألقا وطربوشا تركيا جميلا .
ساعدتها في امتطاء صهوة الجواد ، وثبت الطرطور على رأسها ، وسط دهشتها وعدم تصديقها ، ثم لبست أنا الطربوش التركي الأحمر وأمسكت اللجام بيدى ، وتحركنا مع الركب إلى المديرية ، وكانت جمعية الهلال الأحمر في مقدمة الركب ، ثم الموسيقى العسكرية ، ثم سرية الشرطة ، ثم الاسعاف ، ثم الطرق الصوفية بأعلامها الزاهية العالية ، ثم باقي الجمهور ، وكان منظرا مهيبا منظما جميلا .
نظر حكمدار المدينة - وكان جارا لي - فرآني فحياني بيده واعتقد الجميع بما هي فيهم بأنه يحييها ، فشمخت ورفعت رأسها عاليا وتدافعت آلات التصوير من حولها لتلتقط لها لقطات مختلفة وعندما سألنى أحدهم عنها قلت له : انها حفيدة الشيخ حسانين ، فانتشر الخبر كلمح البصر ، وعندما وصلنا إلى ميدان الشيخ حسانين كان الزحام حول حفيدة الشيخ حسانين أكثر أهمية من رئيس مجلس المدينة وضيوفه .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون