دقّةُ التّعبيرِ القرآني في استخدامِ الألفاظ (التّرابطُ بينَ الآيات) :
قالَ تعالى (والخيلَ والبغالَ والحميرَ لِتَرْكَبوها وزينةً ويَخْلُقُ مالا تَعلمونَ # وعلى الّلهِ قَصْدُ السّبيلِ ومنها جائرٌ ولو شاءَ لَهَداكم أجْمَعينَ) الآيتانِ ٨ و ٩ من سورةِ النّحل.
يَمْتَنُّ الّلهُ على عبادِهِ بأنْ سَخّرَ لهم مِنَ الدّوابِّ كالخيلِ والبغالِ والحميرِ ما يركبونَها فَيَصِلونَ إلى غاياتِهم المقصودةِ ويَقْضونَ مآربَهم المطلوبةَ وكذلكَ فيها منَ الزّينةِ لهم ما تَقَرُّ بها العيونُ وتَبتهجُ النّفوسُ وإنّهُ سبحانَهُ قادرُ على خلقِ وسائلَ أخرى للمُواصلاتِ ما لا يعلمُهُ النّاسُ ولايخطُرُ على بالِهم كما نشاهدُ الآنَ منَ السيّاراتِ والقطاراتِ والطّائراتِ وغيرِها.
ثُمَّ بيّنَ سبحانَهُ أنّ عليهِ قَصْدَ السّبيلِ وهوَ بيانُ الصّراطِ المستقيمِ الّذي فيهِ هدايةُ البشريّةِ وسعادتُهم وما عداهُ فهوَ جائرٌ أي ظالمٌ خارجٌ عنِ الصّراطِ السّويّ والبشرُ على الخِيارِ بينَ سلوكِ هذا الطّريقِ أو ذاكَ ولو شاءَ لهَدى النّاسَ كلَّهم ولكنّهُ جَعَلَ الخيارَ لهم فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤمنْ ومَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ.
وعندَ التّمَعّنِ في الآيتينِ نجدُهُ سبحانَهُ ذَكَرَ قصدَ السّبيلِ أي الصّراطَ المستقيمَ بعدَ ذِكرِ ما سخّرَهُ من حيواناتٍ للرّكوبِ فهل هوَ انتقالٌ من موضوعٍ إلى آخرَ لاعلاقةَ لهُ بسابقهِ أم أنّ هناكَ ترابطًا بينَهما؟!
والجوابُ نعم هناكَ ترابطٌ وثيقٌ بينَ الآيتينِ من حيثُ أنّهُ سبحانَهُ كما سَخّرَ تلكَ الدّوابَّ لِتَيسيرِ الوصولِ إلى الغاياتِ المقصودةِ فإنّهُ سبحانَهُ بيّنَ الطّريقَ السّهلَ الواضحَ لِلوصولِ إلى الهدايةِ والسّعادةِ في الدنيا والآخرةِ باتّباعِ وسلوكِ صراطهِ المستقيمِ الّذي هوَ دينُ الإسلامِ والّله أعلمُ فانظرْ إلى التّرابطِ الوثيقِ بينَ الآيتينِ وقل سبحانَ الذي وسِعَ كلّ شيءٍ عِلما.
المهندس خليل الدّولة
2020 /8 /9
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق